إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
الأربعاء، أكتوبر 6
مُمتلكات لا تخصُّني
* هذي اليد التي لا تكفُّ عن الارتعاش
ظننـتها عاطـلة .. وما كـفّت.
هذا القلب الصاخب كــان
كم يشبـهُ طفلاً شبِعَ تعباً ونام
هذي العين وتلك الخطوة
كم غامت شـوقاً
كم عادت أدراجها انكسارا
كم حارت أسئلةٌ في هذا الرأس المجنون
أين تُراهُ يكون ؟!
أبخير ؟ّ!
أبحب ؟!
أبرفقة ؟!
هذا القلب الأحمق كان
هذا القلب الطيب كان
هذا القلب الساذج كان
أُنظر كيف صار الآن
واسودَّت عيناي بكاءً فأبصرتُك:
نبيـّاً للشعـر.. عتيـداً.. سليمان
أخرجتَ طفولـتي مـن قبرها
ونفـضت عنـها الأكـفان
أحييتَ دُماها
أسكتَّ بُكاهـا
وبرفق شديد:
علَّمتها الخطو من جديد
ضربت بعصاك حدادي ..
فأضــاء الظــلام
ضربت بعصاك رمادي ..
فانتفضت قصائد وتبسّمت أوهام
وضربت بعــصاك فــؤادي ..
فابيضــَّت عينـاه وهـــام.
***
* أيُّ قميصٍ يشـفي هذا القلب ؟؟
أقميصُ الجــدوى ؟!
لا جـدوى من هذا الحُب.
سُليمان
إنها القضبان
تخفرني .. مُنذ قبلك
وقد أعشوشبت حدائق الحزن عليها
منذ قبلك.. وأنا أُصلي
كتمٍّ يغني حين يموت..
أستحلِفُك بحُرمة حُبِّك على قلبي
أن تجد إكسير فــرح
يكسر الدمعة الياقوت .
وحـسِبتَ اللّجـةَ لُّجــة..
فكشفتَ عن ساق وحيدة
………..
( وغــاب المــشهد)
***
وحــدي .. والعالم يــدور
لا هدهد يُلقي بكتاب ينذرُني
والقوم لا يأتمرون بأمري
أستنطق ذاكرة المرايا فأراها:
(أُنثى من ورق ..
أثاثها الكلمات
ودموعها الأحبار)
أتشرنق حولي
تتكدّسُ شظاياي فوق شظاياها
وحين نصيرُ كتابا
لا نعود نكون.
***
* روحي تتنفَّسك الآن
يغمرني الأزرق ..
موجٌ وسماءٌ وعيون
يغمرني الحزنُ
يغمرني الضحك الساخر
وحشود النمل تتسلّقُني
يغمرني أوّلُ نيسان
كل العام لديَّ نيسان أوّل
أُصدِّقُهُ..
أُكذِّبُني
ولا يتحوّل.. نيسانٌ أوّل
( لكنك لم تصغِ)
مَن نصَّب سدّاً أمام ساقية القلب
كي لا يصل مجرى الدمع
إلى غابات جرحك؟؟
………..
(وغاب المشهد)
***
*انتعلتُ قلبي وأتيتُك ..
وكان قلبُك (مغلق)
انتعلتُ كرامتي.. كبريائي ..
والخطوة فخر
انتعلتُ جرحي ..ذاكرتي
افترشتُُ مرايا الروح بساطاً ممرّد
وأتيتُكَ.. لم أُرسِل أحد.
كم توسّلتُ الصمت أن يصمت
لا هدهد يُلقي الخبر
لا عرش تحمله إليك ملائكة الشعر
وأتيتُك
ألقيت الشموس وراء ظهري
كلُّ من كان قبلك كان كُفر
قُلتَ آمني
فـآمنــــــــ ت
أنّك الوحيد
الأخــــــيرُ
المـــؤبَّـــد
........................
(وغاب المشهد )
***
* هذي اليدُ التي لا تكفّ
ما انفكّت تهذيك
على كل بياض في كل سواد
الحصيلة:
قلبٌ مُحطّم
وعمرٌ مهدورٌ في طرائق الكذب
والحصيلةُ يدٌ لا تكفُّ
وعينٌ لا تكفُّ
وقلبٌ ورأسٌ وخطوة
هذي اليدُ
وهذا القلبُ
وتلك العين
هداياي التي
لستُ بها أفرح
فأجرح
كم تصبِحُ أوضح
وأنت تجرح
صغيري
يا أكبر من كلِّ رجال الأرض
حبيبي
وأُلجِّمُ الأقلام
وأنام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرأت في مهرجان الجواهري السابع / بغداد 2010
السبت، أكتوبر 2
آمنة محمود للصباح الجديد : يدفعني الى التآلق ثقة الجمهور والنقاد
تواصل الشاعرة العراقية والناقدة آمنة محمود تحضير مجموعتها النقدية (الحمامة المتوحشة) لتقديمها الى الجمهور بعد ان قدمت مسبقاً ديوانها ( فراشات آمنة)، وكتاب حبيباه وهو مجموعة نصوص نثر شعرية.
واوضحت محمود في حديثها لـ (الصباح الجديد)، انها تواصل تحضيراتها ووضع اللمسات الاخيرة على اصدارها الجديد الحمامة المتوحشة وهي مجموعة دراسات نقدية.
واشارت الى ان لديها طموحات كبيرة ان تواصل النقد والشعر في آن واحد إذ يدفعها الى التألق تشجيع آسرتها وثقة الجمهور والنقاد بما تقدم..
يذكر ان آمنة من مواليد بغداد الاعظمية في العام 1974 وهي عضو اتحاد وادباء العراق و جمعية الهلال الاحمر العراقية، عضو رابطة الصحافيين العراقيين \كركوك، شاركت في العديد من المهرجانات الشعرية والتظاهرات الثقافية، نشرت العديد من النصوص والدراسات النقدية والمقالات في الصحف والمجلات في داخل العراق وخارجه، حازت على العديد من الشهادات التقديرية في مجال الادب والصحافة.
واوضحت محمود في حديثها لـ (الصباح الجديد)، انها تواصل تحضيراتها ووضع اللمسات الاخيرة على اصدارها الجديد الحمامة المتوحشة وهي مجموعة دراسات نقدية.
واشارت الى ان لديها طموحات كبيرة ان تواصل النقد والشعر في آن واحد إذ يدفعها الى التألق تشجيع آسرتها وثقة الجمهور والنقاد بما تقدم..
يذكر ان آمنة من مواليد بغداد الاعظمية في العام 1974 وهي عضو اتحاد وادباء العراق و جمعية الهلال الاحمر العراقية، عضو رابطة الصحافيين العراقيين \كركوك، شاركت في العديد من المهرجانات الشعرية والتظاهرات الثقافية، نشرت العديد من النصوص والدراسات النقدية والمقالات في الصحف والمجلات في داخل العراق وخارجه، حازت على العديد من الشهادات التقديرية في مجال الادب والصحافة.
دراسة عن الراحل جليل القيسي / كركوك عاصمة الثقافة العراقية 2010
الظواهر النفسية في شخصيات جليل القيسي ....القصصية
آمنة محمود إن الحديث عن قصص الكاتب الستيني المبدع جليل القيسي لا يخلو من مغامرة وصعوبة , لما تحمله القصص من مزايا متعددة تجعلها موضوع قراءات متعددة ومختلفة أيضا , ولما تثيره من علامات استفهام لدى القارئ , وتنطلق وإياه نحو آفاق أخرى , وتمده بصور تبلغ في عديد من القصص ذروة الدقة في التعبير عن الصراعات النفسية والتي تسهم بدورها في ظهور نماذج فنية متطورة , وشخصيات على الرغم مما تعانيه من عوارض نفسية وصراعات محتدمة فأنها غنية فكريا ومتخمة بالمعرفة في مجالاتها المختلفة . هكذا هم شخوصه , وعلى لسان إحدى شخصياته (( أنهم ممتلئون بالحماسة , ومن اجل حقائقهم يلتهبون .. مسالمون , لكن عندما تحاول أي قوة خارجية أن تشظي سكينتهم بطريقة لا أخلاقية يقفون بعناد صلب لا يخدعون في مثلهم ومصيرهم )) . ولانه مشبع روحيا مع مودة خاصة للتاريخ الإغريقي , كان لا بد ان يكون مؤمنا ومطبقا لقاعدة سوفوكليس المثلى التي ترى الإنسان مقياس كل شيء . لذلك كان الانسان في قصصه قيمة عليا وهدفا اسمى لابد من معرفة ما يؤرقه , وما يكون سببا في احداث تلك الصراعات النفسية التي تكون مدمرة أحيانا .ولأهمية هذا الموضوع ارتأيت ان الج هذه الارض التي تحتاج الى متخصص نفسي ونقدي أكثر كفاءة واعلى قدرة على التحليل . وربما بعض المساحات غير مضاءة في اول قراءة لتلك القصص , لذلك فهي تحتاج الى دقة وتأن من القارئ . من اجل الاحاطة بما يريد القاص أن يثبته لقارئه المختلف (( الكاتب الاول يجد له قارئا في كل عصر , اما الكاتب الثاني فلا يلائم إلا عينة دون غيرها من قرّاء عصره فقط , ومن دون ان يتجازو هذه العينة الضيقة من القراء ))2 . لكن القاص جليل القيسي استطاع ومنذ اول مجاميعه القصصية والمسرحية إستطاع ان يكون كاتبا اول , متجاوزا creative حدود الزمان والمكان , ينبع ذلك من امتلاكه ( الشخصية الخلاقة ) ومنطلقا منها نحو تحديد ملامح شخصية ومراعاة اختلافاتهم ,مع personality استخدامه للطباق الاختلافي 3 في تصعيد الحوار , حيث يعرض القاص شخصياته الادبية التي يبين من خلالها فهمه للظواهر النفسية وهو مايسمى في علم النفس psychologist in literaerature وقبل التعرف على هذه الشخصيات لابد من الاشارة الى الفرق بين الاعراض والامراض النفسية (( فالاعراض النفسية من قلق , وفكر تسلطي , واضطراب في المزاج , والشعور بالتعب متوفر في جميع الناس بصورة طبيعية وبدرجات مختلفة )) 4 أما الظواهر النفسية فهي ما يهمنا في هذا المبحث . وقبل التعرف الى تلك الظواهر في كل شخصية لابد من الاشارة الى انقسام العرض الى نوعين من الشخصيات تلك :
أولا : الشخصيات الجاهزة :
وهي عبارة عن شخصيات تاريخية أو روائية يدخل معها البطل القصصي في حوار يكشف فيه عن خفايا تلك الشخوص , ويتجه القاص فيها الى سبر اغوارهم والتحليل النفسي الدقيق لهم , مؤطر عرضه بأطار قصصي , في قصص .
1- جروشكناه وفي هذه القصة يعرض الكاتب ويحلل ثلاثة شخصيات من رواية الاخوة كارامازوف لديستويفسكي عن طريق الذهاب اليه والالتقاء بهم , وهذه الشخصيات هي :
أ-/ جروشنكا : وهي شخصية متسلطة هستيرية , سريعة التقلب من النقيض الى النقيض ((عندما رأتني جفت الضحكة على وجهها , وانقلب ذلك الوميض في عينيها الى عتمة لحظتئذ رأيت دمعا يسح على خديها , دموع ضحكتها الهسترية )) ولاسباب عدة يعرضها القاص على لسانها تتحول الى شريرة وماكرة ((- لكني ماكرة , متهورة , شريرة احيانا , وسافلة عند الظرورة احيانا. –اعرف كل شيء عنك بل انت فاسدة جدا احيانا )) . لكنها ورغم كل ذلك لاتخلو من الخير , لذلك احيطت بشخصيات نموذجية وهما الاخوة اليوشا وايفان كارامازوف .
ب -/ اليوشا : شخصية كئيبة Depressive يميل الى التشاؤم والانعزال , لايجد في حاضر الحياة متعة , عظيم التحسس بالمسؤولية , يتمتع بضمير قوي , ويصفه القاص ب (( انت حزين ..حزين جدا ..أتعرف يا أيوشا انت تنقصك الحاسة التي تنبيء الانسان عن اشياء دقيقة في الوقت المناسب . أو بالاحرى أنت شذبت تلك الحاسة هناك في الدير , ووجهتها لمسائل كنسية محدودة )) . أي أن سبب تلك الكآبة هي الانطوائية Introvert التي قادته الى الدير , فعاش صراعات نفسية مختلفة قادته اخيرا الى الركون للتامل وتجنب التماس مع الواقع , وتفضيل الاعتبارات النظرية والمثالية على النواحي المادية .
ج-/ أيفان : إن القول بأن اليوشا وإيفان شخصيات نموذجية لا يصفها مطلقا من التشظي النفسي الذي يعانيه, بل وربما كانت تلك الشخصيات اكثر تقبلا لمثل هذا النوع من الصراعات النفسية Mentsl conflict لذلك يراه الآخرون غريبا ومعقدا (( لوكان لديك مثلا نفس معاناته (ايفان ) وعذاباته وفكره وهلوساته , والاكتئاب الدوري الحاد الذي يأتيه فجاة بسبب رهافة مخيفة في مشاعره واحاسيسه النارية )) . ما الذي يمكن بعد ان يقال هذا الوصف الدقيق من لدن القاص , الا يكون بذلك قد أحاط بالشخصيات نفسيا وفكريا وقارن بينها برؤية صافية ودقة بالغة في التعبير ؟
2- أمسية قصيرة مع الامير 6 : وهنا يتعرض لشخصية الامير مشكين بطل رواية – الابله – لديستويفسكي حيث يتولاها ( عن طريق اللقاء المباشر الذي توصل اليه بالاستبصار Claievoyance وبالتحليل عن طريق الحوار الذي نكتشف فيه جوانب كثيرة في شخصية ذلك الامير حيث كان مرضه الشديد من طفولته سببا في تكوينه الفكري (( صحيح أنني مريض, بل كنت اشدّ مرضا منذ صغري وثقافتي محدودة , لكن فراستي قوية .. في حالات معينة أبدو مثل البوهيمي الذي يطلق العنان لحواسه حيث يزيح الفواصل بين الواقع والخيال )) فكان متحصنا ضد كل الاستفزازات ويمتلك الهدوء في أعماقه ويرى في ذلك جبنا (( أعترف أنني جبان . بسبب طفولتي الصعبة , مرضي , يتمي المبكر , وحياتي الخالية من التوجيه والحنان , بسبب الاهمال الشنيع الذي لحقني ,والصراع الذي أعاني منه )) الاتكفي هذه الاسباب لخلق شخصية متغيرة الأنا Altered ego تمتلك حساسية عالية ومخيلة حالمة وتلجأ الى التبرير Rationalization من اجل اقناع نفسي بصواب سلوكها لكي يشعر بأمان مؤقت .
3- توهج بلازما الخيال 7 : وفي هذه القصة يلتقي البطل- القاص بالروائي ديستويفسكي كاتب الروايتين الآنفتي الذكر ( الاخوة كارامازوف – الابله ) وربما كان لهذا اللقاء علامة في اكتمال صور القصتين السابقتين ( جروشنكا – امسية قصيرة مع الامير ) , ويتعرف الروائي في هذه القصة (( أنت تعرف , أنا رجل مزاجي للغاية سوداوي في الكتابة , أتنبأ بالاحداث بالمصادفة وأحيانا بالاستبصار )) ثم يمضيان في حوار تحليلي حول عدة شخصيات روائية .
إن هذا اللقاء يعكس اليات عمل فكر الروائي وكيف يتم له توجيهها وصبّها ( على تناقضها ) في أطار واحد ومن ثم كيف أستطاع الروائي التوفيق بين أطواره وامزجته وبين أطوار وأمزجة تلك الشخصيات التي طالما كان يكثر الاختلاف معها على سير الاحداث .
4- صورة نادرة لفرانتس كافكا 8: وفيها ينتقل القاص الى مدينة براغ وتحديدا الى بيت الروائي كافكا . ومن خلال لقاءه بوالد الكاتب ( اولا ) يعرض شخصيته القاسية والشكاكة والتي كانت أكبر مؤثر على حياة ولده الكاتب الشهير ((عيناه المريبتان اللتان كانتا دائما تخيفان كافكا الابن )) و (( كان الله في عون فرانتس الطيب الذي اشتكى كثيرا من عنجهية وغضب هذا الاب الصعب الحيسوب , لا غرابة أن كتب عنه بقسوة في مذكراته )) ولم يكن تطرق القاص لهذه الشخصية مزاجيا أو اعتباطيا , بل كان ضروريا وأساسيا لما له من الدور الاكبر في صنع شخصية كافكا ذات الوجه الحزين المعبر , الكئيب الشكاك الذي يسمي الادب جنونه الاحادي والذي ترك كل شيء ومن اجله ((ولأن سليقته تاملية يكثر لا أراديا من التدقيق في كل شيء )) . إن درجة الوعي العالية من قبل القاص بتلك الشخصيات انما تعكس مدى ارتباطه نفسيا وروحيا بها . والدليل على ذلك تحليله العميق لنوازعهم ورغباتهم .
5- فوبيا 9 : كان لابد للقاء القاص مع كافكا أن يتمخض عن قصة اخرى ويكون البطل فيها أحد شخصيات هذا الروائي الدقيق في تصوير النفس البشرية (المحبطة بالذات ) . لذلك فأن القاص أصاب حين أختار شخصية غريغوري ساما بطل رواية المسخ . ذاك الشيزي العاطفي الذي تحول بسبب عصابه المزلزل الى حشرة ورغم لا معقولية الحدث لكنه كان بالنسبة للروائي مثالاً لنموذج اصلي ( وربما شخصي ) كامن في اعماق الروائي في اللاواعي الذاتي ( له بالذات ) , فكأنه يحتمي بتلك الشخصية او يتخفى بها ليخفي وجها اشد عذابا والما وورفضا مكبوتا للواقع الكابوسي المؤطر بالهدوء . وربما لآن القصة كانت تدور حول الصراعات النفسية وأن القاص استخدم ( المسخ ) كنموذج مميز لها لا غرابة أن يكون عنوانها phobia أي الفزع من الاخر .
ملاحظة : كان بالاماكن الاستفادة كثيرا من الحوار الفلسفي العميق بين الروائي وغريغوري ساما لكن الحوارات مطولة جدا .
ثانيا : الشخصيات المُختلقَة :
وهي الشخصيات التي كانت من صنع الكتاب جليل القيسي , والتي يعرض لنا انهيارها الروحي وتشظيها النفسي من خلال قصص :
1- الرجل الذي كانت روحه عارية 10: وبطل هذه القصة شخصية عصابية , غير قادرة على مواجهة الحياة فكان من الصعب تحديد اهدافه , وبالمقابل كان من السهل عليه التأثر لما يقال له , خاصة تشبّهُه بالمسيح , لذلك يلجأ الى إزالة الفروق البسيطة بينهما , من أجل إيجاد مطابقة ظاهرية , ولم تردعه دراسته للاهوت عن ذلك التقمص , حيث كان يجد لنفسه الاسباب المقنعة لذلك . وكان بالاضافة لعصابه شخصية متفجرة Explosive , ينفعل بشدة حين لا تتلائم المواقف مع مزاجه (( كان يعاني من أزمة نفسية ملغومة بارتيابية جذرية تمحو كل شيء ماعدا موقفه الآني )) ومن عنوان القصة نستطيع ان نستشف المدلولات النفسية لتلك ((الروح العارية )) التي تلجا الى التعويض Compensation عن النقص المتوهم في شخصيته , والاحتجاج على شقائه بإيذاء الاخرين تحت أي ذرائع (( كنت أريد ان أقتلك بدفاع الحب العميق )) ويصبح السلوك العدواني انعكاسا لتلك الشخصية مع تناقض واضح في ردود الافعال (( رأيت في وجهه حزنا غريبا ظل يتكاثف كلما اطال التحديق بي وبكر الدقائق تشنج وجهه , وتحول الى بؤرة من الغضب لذلك كانت قراراته كانت غير محسوبة ومدفوعة بسلوك عدواني في ايذاء النفس اولا , حيث يعمل بعد طرده من الكنيسة ميكانيكيا . لكنه رغم ذلك لا ينفع عن هلاوسه وهذيانه )) لم ينقطع عن الحلم في ان يصبح الها .ولكن من نوع اخر فكان فقدان الانية 11Depersonalization وهو النتيجة الحتمية لتلك السلسلة من الاضطرابات .
2- العراف انتي 12: وفي هذه القصة تلعب المفارقة دورا في التدليل على الشخصيات حيث أن الراوي مدرس لغة انكليزية يتوهم مضيفه ان العراف الذي كان عليه أن ياتي في نفس الموعد . والمضيف شخصية سادية , وبرجوازي تافه ( كما يصف نفسه بحسب القاص ) متناقض وجدانيا Ambivalent , ويصفه الضيف (( أنه متناقض غريب , مليء بحماسة ومرارة وخيبة وندم )) مؤمن بغائية فرويد , جزمي Dogmatic(( إن من عادة هذا الانسان عندما يذهب شخص ما اليه للعمل , أو طلب مساعدة يستفزه غاية في القسوة وبكلمات جافة )) . ولآنه متوتر وشديد الانفعال تظهر عليه الاعراض المتلازمة Tourette (( مرض يصيب شخص بحركات متكررة بالطريقة نفسها )) . لكن جميع هذه الصفات والاعراض النفسية لم تأت من فراغ , حيث كان لشقيقته التي كانت تعاني من مشاكل نفسية سببا في الاضطرابات التي يعيشها هو . فالعملية انعكاسية وبالتالي مستمرة فقد صنعت تلك الشقيقة لنفسها عذابا وعاشته بمازوكية وسادية (( أنا اعاني من الظلم والفشل الذي صنعته بيدي )) لكن تطور هذه الحالة سبب لها عقدة Complex (( وكبت العقدة في أبعادها عن مجال الوعي لا يفقدها قوتها المستمدة من طبيعة العوامل التي حركتها في البداية بل تظل فعالة تحت ستار ظاهري من الهدوء 13)) وهي برغم الهدوء الذي تلف بها نفسها , سرعان ما تنفجر في نوبات من غضب عارم (( تقبلت واقعها بعقل مستسلم غير أنها وفي حالات نادرة تتمرد وتثور )) وعلى الرغم من الفروق الواضحة بين هاتين الشخصيتين الا إن القاص استطاع الجمع بينهما في صفات مشتركة (( لا حظت ان هذين الكائنين يعيشان حياة مليئة موتا حقيقيا , ومتعلقا مع ذلك بالاوهام بالاضافة الى حالات العذاب , والفصام , والكآبة , والخلط الذهني , والحزن العميق )) ورغم إن الراوي لم يكن عرافا بالمعنى الذي أرادته الشخصيتان لكنه كان عارفا نفسيا ومحللا موضوعيا لغرابة وتناقض هاتين الشخصيتين .
3- أمم من الفرح 14 : قصة تعرض شخصيتين الاولى , الموسيقي عبد الرحمن الناصري , وهو شخصية متزنة نقية تحمل صفات الفنان السامي الاصيل . والشخصية الثانية هي السيدة هند ,التي تزور الفنان وتطريه , وتحاول عقد صداقة معه بدافع الاعجاب بفنه . وهي شخصية جريئة , ذكية , مستقيمة النظرات , شديدة الحساسية وانفعالية (( لقد تهيجت لرؤيتك , وانا بالمناسبة , احيانا انسانة مزاجية وعرة جدا )) . وربما تؤدي شدة الترابط النفسي داخليا وتماسكها الى التصدع Pissoction اخيرا ,فشخصية هند , منطقية وواعية وسريعة في اتخاذ القرارت حين تكون في أتم وعيها الذاتي , لذلك تتصرف حسب منطقها الخاص حين تنهي حالة التناقض الذي تعيشه بين حياتها كزوجة عالم كيمياء , وبين امنياتها الشخصية . فتضع نهاية سريعة , حين تصدم سيارتها بمركبة طويلة لتموت فورا .
4- صباح الخير يا قلبي 15: والشخصية المحورية في هذه القصة هي ماجد السعدي : شاعر (( مثقف يمتلك براعة ساحرة في استعمال المفردات الدقيقة)) وهي شخصية تحلل وضعها النفسي بذاتها (( روحي وحدها تعرف .. الا تعتقد إن الروح هي أكثر الحقائق علما بنفسها )) وربما بسبب الوعي المتصاعد بالذات وبالاخرين , هو الذي قاده الى هذا التشظي الذي يكون واعيا له (( كل شيء في يسير الى ضرب من الانشطار القسري )) الذي يؤدي به الى تعدد الشخصية Multiple personality حيث يعتقد في احدى هلوساته الواعية انه بطل رواية المزدوج لديستويفسكي . ثم ينير اكثر المناطق ظلمة في شخصيته (( أنا غريب الاطوار , لنقل صعلوك غير منسجم البتة مع مجتمعي .. واعاني احيانا من وسواس قهري )) ثم يصبح تعدد الشخصية لديه أوضح من ذي قبل (( قال لي بوسعه ان يصبح ما يتمناه في لحظات )) وبعد ذلك يصاب بحمى دماغية حادة ثم يموت .
5- متعة غامضة 16: على الرغم من بطلة هذه القصة هي احدى شخصيات الكاتب نفسه لكنه لم يكن قد رآها سابقا . بالاضافة الى إن صفاتها التي تظهر في هذه القصة لم تكن واضحة المعالم في قصته تلك . انها بطلة قصة ( الميثوبي ) التي اعتمد في سردها على الرسائل التي تبعثها (هـ . م ) الى القاص , وتلك هي مفارقة هذه القصة ( متعة غامضة ) . إن شخصية ( هـ .م ) كثيرة الشبه بـ ( هند ) في قصة امم من الفرح , من حيث الذكاء والفطنة والثقة العالية بالنفس , بالاضافة لكونها ذات أخيلة وفضاءات مختلفة عن الاخرين ( ربما بسبب الثقافة العالية ) , فحين تسمي نفسها (هاملت انثى ) فهي بذلك تختصر الطريق امام القارىء من اجل فهم الكثير من طبائعها . ويصفها الكاتب بالقول (( لديها عواطف مضخمة , وحارة , وميل مهوس للعثور على نفسها فيّ انا )) أي إن جميع صفاتها , وكل خفايا وظواهر سلوكها قائمة اساسا على العاطفة التي تكنها للكاتب , وهي حتما شخصية انفعالية Irritable peronيمكن لها ان ترتكب جريمة من اجل تلك العاطفة اللا متبادلة (( غير أنني مثل أي عاشقة , أنسانة منفعلة , مضطربة , متهورة .. ثق لو عاد ليقول كلمة أخرى لرميته بهذا المسدس بعدة طلقات )) أي انها تحاول التشبث بما ليس من حقها مقابل أي ثمن ولو كان حياة الآخرين وذلك حتما نتيجة Hallucinaion التي كانت تؤثر فيها , على الرغم من كونها مخلوقة مكررة إذا ( جاز لنا التعبير ) . ان الكاتب في هذه القصة يصل بين قصصه بروابط متينة ويمارس الكتابة بطريقة تفاعلية مما يسمى بـ ( وعي الذات المبدعة ) .
6- نجمة ميديا المتوحشة 17 : وفي هذه القصة يعرض القارئ شخصيتين متداخلتين :
أ- الملكة ميديا : وهي بطلة لاحدى مسرحيات يوربيدس , حيث يعرض الشخصية بطريقة التقمص لكن الحديث أولا سيكون عن الشخصية الأصلية التي تمتلك نفس الثراء الروحي الوجداني والفكري لشخصيات جليل القيسي كأساس , لكنها كانت ملكة يونانية أعاد تشكيلها بطريقة عصرية دون المساس بدراما الحدث الأساسي . والملكة ميديا شخصية عاطفية Emotional تتعامل مع الحياة بعاطفتها أكثر من عقلها لذا تتسم أقوالها وأفعالها بمزاجية واندفاع (( أضرب عندما لا تأتلف الأشياء التي أحبها مع بعض , نعم أضرب من غير شفقة )) . وهي بسبب هذه الطاقات العاطفية المتفجرة , مليئة بالغضب الذي لا تستطيع السيطرة عليه وربما لا تريد ذلك , لكنها واعية تماما لما تفعل , وتوكد ذلك بالقول (( البشر وحدهم ملتقى الاضداد , ومجمع التناقض .. مظهرنا شيء ..وحقيقتنا شيء اخر , نحن ازدواج دائم بين الحياة والإدراك )) وهذا اعتراف منها بانشطاراتها العاطفية Dessociated emotions , وعصابها Neurotic , وتتصاعد اضطراباتها حتى ترتكب أربع جرائم قتل بما فيهم ولديها , من اجل أن تنقذ حلما مخذولا , فتخسر كل شيء دون ان تندم , فكان وصفها دقيقا حين تقول (( أعاني من مشاعر لا شريعة لها )) .
ب- الممثلة التي تتقمص دور الملكة : وهي شخصية تمتلك من البراعة ما يؤهلها للعب أصعب الادوار , لكنها هذه المرة بالغت في تقمص الدور وتماهت معه للدرجة التي لم تستطع التخلص منها ( الملكة ميديا ) مما أصابها بحالة استمرار الزمان Rerseveration , دون سيطرة الارادة الواعية , فكان الجنون هو النتيجة الحتمية لمثل هذا النوع من الشخصية (( بعد انتهاء عرض مسرحية ميديا بأسابيع , ادخلت تلك الموهبة الذهنية مستشفى المجانين )) . وبذلك استطاع القاص ومن خلال هذه القصص تحويل دوافعه ورغباته الى نتاجات أدبية تعرض الصراعات النفسية الداخلية بطريقة التصعيد Sublimation . أي انه استخدم انفعالاته النفسية الخاصة في عرض شخصيات قصصية تعيش انواعا من الصراعات , ليس من الضروري مطلقا ان تكون مطابقة لاضطراباته الخاصة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :- جميع المصطلحات النفسية مأخوذة عن :
1- الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث / العصاب والامراض الذهنية بيير داكو . ت : رعد اسكندر , اركان بيثون , دار التربية , بغداد 1988 .
2- انشطار الذهن , بيير ماكلير . ت : د. حلمي نجم , دار الرشيد , بغداد 1988 .
الهوامش :
1- مملكة الانعكاسات الضوئية , جليل القيسي , الميثوبي , دار الشؤون الثقافية العامة بغداد 1995 .
2- فصام الناقد , فصام الكاتب , د. مهند يونس , الموقف الثقافي , عدد3 , 1996 .
3- الطباق الاختلافي : مجموعة الاراء والاحاسيس التي تعانيها الشخصيات القصصية والروائية او دافع الشعور بها , ولا يستخدم هذا الطباق لتقريب المحادثات وانما لابراز الجنون في كل محادثة : د. عبد اله ابراهيم , الرواية ونظرية التمثيل , عمان عدد 76 تشرين الاول 2001 .
4- النفس : انفعالاتها أمراضها علاجها , د. علي كمال .
5- مملكة الانعكاسات الضوئية , جليل القيسي , جروشنكا .
6- نفسه , أمسية قصيرة مع الأمير .
7- نفسه , توهج بلازما الخيال .
8- صورة نادرة لفرانس كافكا , جليل القيسي , الجمهورية 28/12/1994 .
9- فوبيا , جليل القيسي , الاقلام عدد 5 , 1999 .
10-زليخة البعد يقترب , جليل القيسي , مطبعة الاديب , بغداد 1974 .
11- فقدان الانية : هو اضطراب الشعور بالذات و احساس المريض بانعدامه , أو بعدم واقعية وجوده , أو اصبح انه شخصا مختلفا عما يعهده في نفسه , انشطار الذهن : 87 .
12- سر الالوان وطبيب الاعصاب , اوليفر ساكس , ت : طارق حيدر العاني , الموقف الثقافي , عدد 13-1988 .
13- النفس , د. علي كمال .
14- أمم من الفرح , جليل القيسي , الموقف الثقافي , عدد 32 -2001 .
15- صباح الخير يا قلبي , جليل القيسي , الموقف الثقافي : عدد3 , 1996 .
16 – متعة غامضة , جليل القيسي , الاقلام, عدد2 ,1998 .
17- نجمة ميديا المتوحشة , جليل القيسي , الاقلام , عدد 3 , 2000 .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)