إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، سبتمبر 26

استدعاء الغائب قراءة نقدية في شعر آمنة محمود ( فراشات آمنة ) أنموذجا


د. نوفل حمد خضر
                                        جامعة كركوك / كلية التربية للعلوم الإنسانية
                                                     قسم اللغة العربية                                       





ملخص البحث
شكلت مجموعة (فراشات آمنة ) أنموذجا يحتمل في نصوصه أكثر من قراءة ، لما تحمله من رموز حملت في دلالاتها معان عدة، وبهذا تكون جاهزة لتحميلها نصا حاضرا و غائبا ، الحاضر متمثلا بالمعنى الظاهر، والغائب تكشفه القراءة العميقة ، من خلال فك شفرات ورموز العنوان والنص معا ، لفهم تلك الدلالة المترتبة عن ذلك البعد الشعري العميق .
يستطيع القارئ الجيد أن يحل شفرات النص  بفكر وذهن صائبين ، دون أن يخرج عن النص ، لكن بسلطته هو ، ليحرره من قيد الانغلاق، كون التفكيكية تفتح انطلاقاتها من داخل النص نفسه لكسر هذا الانغلاق. وهذا ما بحثت عنه دراستنا ، التي وقفت على تحليل البناء الشعري عند الشاعرة (آمنة محمود ) ،اذ تتبناه بذكاء وفطنه شعرية عالية ، لتؤكد فيه قدرتها الفنية والأدبية من خلال توظيف عناصر هذا البناء ، ،الذي أسهم في إيجاد تلك الثنائية المتمثلة بالحضور والغياب ، ولاسيما في هذا النوع من الكتابة الشعرية المتمثل بقصيدة النثر، والذي يحتاج إلى من يجعل من اللغة والصورة والبناء أداة لشد ذهن المتلقي وتحفيزه ، بحيث يغور مع عمق  دلالات هذه النصوص ،وهذا البناء الشعري واضح في الكثير من قصائدها التي ضمتها مجموعتها الشعرية ( فراشات آمنة ) ، بدءا بعنوانها الذي حمل دلالات عدة مثيرة ، بوصفه بؤرة الانطلاق بالعقل النقدي والتحليلي إلى ما توحي به البنية النصية التي ركب بها ، ثم عناوينها الداخلية ، فضلا عن التناص ودلالته ، وكذلك الرمز الشعري ، وآليات التشكيل الكتابي للقصيدة من نقاط وعلامات وفراغات ، وما تقيم من علاقة ما بين ذاتها وعلاقتها مع الآخر ، وما يترتب على تلك المكونات النصية من دلالات حضورية وغيابية ، كان للشاعرة اسلوبيها في إيجادها على نحو مميز .



     النص غيابا :-
   يتشكل النص الشعري على وفق معايير متعددة ، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي ، مؤثرة تلك المعايير على النص مضمونا وشكلا ، وبهذا تتعد الدلالات داخله ، وهذا ما يحرص عليه الشاعر بصورة متعمدة أو غير متعمدة ، فالشاعر بوصفه جزءا من منظومة انسانية يتعامل الناس على أساسها يتأثر بها تأثيرا مباشرا ، لتتكون لديه فلسفة خاصة ومعقدة ، تتعدد رؤاها وتشكيلاتها ، وبالتالي طرق التعبير عنها شعريا، مما يجعلها بدلالات متعددة تختلف باختلاف ثقافة وفلسفة المتلقي ، فما النص الا " نتاج لفعل ولعملية إنتاج من جهة، وأساس لأفعال وعمليات تلق واستعمال داخل نظام التواصل والتفاعل من جهة أخرى. وهذه العمليات التواصلية الأدبية تقع في عدة (سياقات) تداولية ومعرفية وسوسيو-ثقافية وتاريخية تحدد الممارسات النصّية، وتتحدد بوساطتها. وهي تتمفصل بحسب جماعات المشاركين، وأدوارهم وقواعد الاستراتيجيات التي تنظم ممارساتهم النصية." ([1]).فالوقوف على حقيقة النص ومبتغاه لا يتحددان بنظرة قرائية سطحية أو عادية ، فهو تكوين عميق ، يأخذ عمقه من حقيقته كنص شكلي مكتوب بظاهره ونص يحمل دوال تختلف معانيها بحسب طبيعة المتلقي ، وقولنا طبيعة المتلقي يأتي من كون هذه القراءة النقدية تحوله الى " منتج للنص مما يجعلها مضاعفة الجدوى "([2]) ، ومن ثم طبيعة النص ، اذ تشكل باسلوب شعري تحيطه الكثير من عناصر الشعرية ، مما يعزز من تعدد دلالاته التي تعتمد على ايحائه بوصفه اثرا ، بحسب ما دعت اليه فلسفة دريدا ، التي أكدت على ان القراءة " تصيد الأثر في الكتابة ومن خلال وقعها " ([3])  ، ولأن هذه الفلسفة تعد النص قد تحرر من كونه " كائنا مغلقا ومستقلا بعالمه "([4]) ، وما ينتج عن طبيعة المتلقي وطبيعة النص يتشكل ضمن فلسفة القراءة النقدية ، بوصفها محصلة لهذين العنصرين ، ومن اساسيات العملية التواصلية ، علما ان قراءة النص بحسب فلسفة الحضور والغياب هي " بمثابة تفسير له "([5]) ، فضلا عن " استحالة الوصول إلى معنى كامل لأي نص "([6])  فالمدونة التواصلية التي يعمل عليها النص تقتضي العمل الجاد، الذي ينطلق من المبدع  وصولا الى النص نفسه وانتهاء بالمتلقي ، لذا يمكن القول : إن   " (النصّ الظاهر) المطبوع لا يصبح قابلاً للقراءة إلا إذا استبطنا تكوينه اللساني، أي استولدنا الدلالات، أو قمنا بفعل (توليده) من خلال نسيجه اللغوي. وهذه العملية تسميها كريستيفا (النصّ المكوّن). وهكذا يصبح النصّ –لديها- طبقتين: (النصّ الظاهر) السطحي اللغوي (الدال)، و (النصّ المكوّن) الأعمق (المدلول). وهي تجعل معظم المعارف الإنسانية (السيميوطيقا، والتحليل النفسي، والألسنية… الخ) تشترك في هذا (التحليل الدلالي)" ([7])، وهذا ما يحيلنا الى ستراتيجية القراءة الباحثة عن الحضور والغياب في ذلك النص ، برخصة من النص ذاته ، اذ تستوجب حقيقة القراءة ذلك الفعل ، وهذا بفعل منظومة اللغة التي أسهمت في رفد العلاقات الانسانية بما يخدمها على نحو عام ، والأدب على نحو خاص ، فالنص بوصفه جزءا من هذه المنظومة نجده يحقق  " غرضاً اتصالياً، ولكنه يتوجه إلى متلق غائب، وغالباً ما يكون مدونة مكتوبة تمتلك الديمومة. ولهذا تتعدد قراءات النصّ، وتتجدد، بتعدد قرائه، وتعدد وجهات النظر فيه، وحسب المناهج النقدية المتعددة..." ([8]).ففي حديثنا عن دور النص في مثل تلك القراءة ننطلق من النص نفسه ودوره في تداعي الأفكار لدى المتلقي ، فالنص بتشكيلاته المكتوبة والدلالية ينمّي التكوين التحليلي لدى ناقده ، اذ يتعامل معه نصا مكتوبا ، ليقف على التركيب الشكلي من خلال ما موجود فيه من تقانة الكتابة،ولاسيما في القصيدة العربية الحديثة  ، اذ نلحظ وجود تكرار للازمة شعرية ، واستخدام للنقاط والفراغات والبياض وغيرها ، ثم يأتي الى المستوى الدلالي المتمثل بالمعاني الظاهرة والخفية فيه ، وبهذا نجد اختلافات بالقراءة مابين ناقد وآخر ، بحسب تلك المعايير وآلية فهمها.
وفي حديثنا عن النص غيابا لابد أن ننطلق من منطلقات تلعب دورا أساسا في بنائه ، كـ (العنوان ) ، وعنصر الرمز ( الاشاري) ، و(التشكيل الشعري) ، و( الأنا والآخر ) و( التناص )  ، ولهذا لابد من تعريفات بسيطة نحدد بها دور تلك التكوينات في ستراتيجية قراءتنا المتضمنة الحضور والغياب :


العنوان :-
إن العنوان بوصفه العتبة الأولى التي يدخل منها القارئ الى النص لابد ان يشترك دلاليا وبنيويا مع النص في تشكيل التفسير النهائي له ( النص ) ، لذا يستوجب التعمق بقراءة العنوان كبؤرة ينطلق منها الى مكامن النص ، بعيدا عن السطحية في القراءة ، ولأن بنية العنوان تتشكل بصورة مكثفة ، اذ لا يتجاوز الكلمة أو عدد من الكلمات لذا نجده أكثر دلالة وإيحاء بما يحمله من طاقة تعبيرية تتصل دلاليا وتركيبيا مع متن النص ، بل ويمكن أن يفتح شفرات النص الى أبعد الحدود ضمن السياق الدلالي المشترك بينهما ، وبهذا يكون من أهم العتبات الرئيسة في فهم النص ، هذه الأهمية تأتي من تلك الطاقة التعبيرية ،التي " تغذي طبقات النص الأخرى " ([9])، فالتأمل العميق بتلك البنية المكثفة ينتج عنه بعدا فكريا ودلاليا يرتبط بالحالة الخاصة بالمبدع وهو يعكس نصه بكلمة أو كلمتين ، ولهذا تعد هذه العتبة منطلقا رئيسا لتصور عالم النص والوقوف على دلالته " بما يعطيه من انطباع أولي عن المحتوى ، وبما يمارسه من غواية وإغراء للمتلقي "([10]) ، وهذا الدور الفعّال للعنوان أصبح لأزمة أدبية وشعرية ولاسيما في الشعر العربي الحديث ، وراح الأدباء يعطوه قيمة خاصة في أعمالهم ، بعد أن صار جزءا من التشكيل الشكلي والدلالي ، بحيث يشكل حلقة دلالية " تساهم في استقبال النص "([11]).وهذا ما دفعنا للوقوف على دلالة العنوان في شعر آمنة حمود بوصفه بنية تتحكم بدلالة النص وإمكانية قراءته قراءة معمقة بعيدا عن السطحية ، اذ يشكل العنوان بنية مكملة لبنية النص ، ليصبح بؤرة يتشظى منها التصور التخيلي عند المتلقي ، ليحيلنا دائما الى معرفة الدلالة التي تترتب على ذلك الاتصال العنوان / نصي .
   يتضح هذا البناء الشعري في الكثير من قصائدها التي ضمتها مجموعتها الشعرية ( فراشات آمنة ) ، حيث يستهويك عنوانها الذي تحمل دلالات عدة مثيرة ، بعد أن عمدت الشاعرة إلى تركيب العنوان من كلمتين تحمل كل واحدة منها دلالتها الخاصة ، وتشكل لفظة ( آمنة ) بؤرة الانطلاق بالعقل النقدي والتحليلي إلى ما توحي به البنية النصية التي ركب بها العنوان ، لتحمل فهمين : الأول أن تكون الشاعرة قصدت بهذا العنوان فراشاتها هي (آمنة) الشاعرة ، والثاني أن تكون هذه الفراشات (آمنة) بمقصد أنها خرجت بمشاعر وأحاسيس سادها الأمان ، حيث تمتزج بهدوء نفسها وثقتها العالية بما تريد أن تعبر عنه ، فلا يحيطها القلق وهي تطلق لها العنان والحرية ، لتطير في سماء خيالها الواسع ، حاملة بأشكالها الملونة أفكارا وصورا تحددها الشاعرة بعناوينها الداخلية ، اذ قسمت مجموعتها الى ستة عناوين رئيسية هي ( فراشات الشبكة ، فراشات النار ، فراشات أنانا ، فراشات أنا .نا ، فراشات الخميلة ، فراشات الأعياد ) يجمعها العنوان الرئيسي للمجموعة ( فراشات آمنة ) ([12]) ، متنقلة من عالمها الخاص والداخلي إلى عالمها الخارجي المتمثل بعلاقتها مع كل الأشياء من حولها ثم ترجع إلى ذاتها وهكذا ...علما أن هذين الفهمين لم يخرجا عن ذات الشاعرة من ناحية الولوج أو الانطلاق والرجوع ، فإذا ما حددنا هذا التعالق الدلالي بمخطط ، يتضح لنا الآتي :

إن هذه الفراشات تنطلق من والى ذات الشاعرة (آمنة ) وهي ( آمنة ) بحسب ما  يلزمنا به مفهوم مخاطبة الشاعر لذاته بقوانين الأدب أو الكتابة الأدبية ، ولاسيما الشعرية منها وباتجاهين : دلالي يتمثل بمعنى الكلمة داخل سياقها البنيوي ،وبلاغي تدل عليه ظاهرة الالتفات واستخدام الضمائر داخل قصائد الشاعرة .
    ومن أمثلة الشاعرة ما نجده في عنوان قصيدتها ( سرابية ) ، اذ نلحظ ان العنوان بتأويله الظاهر ينطوي تحت الأنا الشاعرة كانطلاقة أولية ، فيفهم منه انها تتحدث باسم الفتاة أو الذات بوصفها أنثى مهمشة مظلومة ، لا حقيقة لها ، إلا ان المفارقة التي تتضح من القراءة الأبعد تتمثل في كون تلك الأنا تلتقي مع الضمير الآخر (هو – أنت ) خارجة عن المألوف الذي يتحدث عن كون الفتاة هي الضحية ، لينكشف لنا انها هي من تبحث عن تلك السرابية ، باعترافها وهزيمتها وهي تقلل من شأنها ولا تعترف بذاتها ، وهذا الاعتراف تبينه الشاعرة بعتبة داخلية ترتبط دلاليا مع عنوان النص ، موظفة تقانة القصيدة الحديثة ، من خلال علامات اشارية تميز فيها تلك العتبات عن باقي النص ، ولنا أن نبين ذلك بمخطط ننطلق به من عنوان القصيدة الرئيس متجهين الى العناوين الداخلية ، مما يوضح عملية التأويل التي بينت حقيقة تلك المرأة ، اذ نبين النتيجة بعد أن نربط بين عنوانها الرئيسي وعتباتها بداية كل مقطع في القصيدة ([13]) :
 

نجدها في نص آخر لها تعمد الى دلالة التكرار واللون في وضعها للعنوان ( أحمر ..أحمر ) ([14])، لما يترتب على ذلك التكرار من تركيز يتناسب والحالة النفسية للشاعرة ، وهي ترى كل ما حولها أحمرا ، مما ولّد عندها حالة شعورية خاصة ، فضلا عن دلالة اللون الأحمر وهي تحيلنا إلى ( الموت /الخطر / الدم / الوقوف ) ليصبح ذلك اللون عائقا في كل ما تتمناه ، وان كان في دلالة أخرى يشير إلى الحب ، وهذا ما تعمدته ،  إذ أرادت أن تصف ذلك التناقض الدلالي ، عندما يتحول اللون الأحمر بدلالته العاطفية إلى دلالة العدم والخطر والخوف ، وهو يغطي عالمها المتخيل ، عندما تصف ذلك الحب باللؤلؤة الحمراء التي تعترض بوابة عينها لتحّول العالم إلى أحمر ، من خلال استخدام لفظة ( عدسات ) في مطلع النص كعتبة داخلية للنص ، وظفتها الشاعرة بعد العنوان ، وهي ترتبط بحالة البصر([15]):
                           عدسات :
                           حبك لؤلؤة حمراء
                           يقطن بوابة عيوني
                           وأرى العالم ..من عينيها
                           أحمر ..أحمر
مما يحيلنا الى تصور بعدم إمكانية تلك العلاقة مع الآخر ( الرجل ) وهي تحول عالمها الخاص عالما خطرا ، إذ ترى العالم بتلك العدسات التي صنعتها تلك اللؤلؤة الحمراء ، لتدلّ على استحالة ما تتمناه ، لذا انطلقت بالنص بلفظة ( عدسات ) كي تأخذ بالقارئ إلى أبعاد هذه العملية البصرية مبررة لنفسها ولقارئها ما يمكن أن تكون عليه الصور المتتالية بجميع دلالاتها وهي تلزمها باللون الأحمر، كما موضح في مخططنا :




الغيمة- حقل الياسمين أصبح احمر
 

القلوب السكر- حمراء تخرج من الأغلفة
 
علما ان استخدام اللون الأحمر عند الشاعرة لم يقف عند دلالة ما أشرنا إليه فقط ، بل نجد فيه ما يضفي على جو القصيدة بعدا بانوراميا مميزا ، إذ يرتبط بدلالة نفسية مع الاتجاه الشعوري للانسان ، هذا من جهة ، وقوة اللون من جهة أخرى ، مما يشد الانتباه إليه أكثر من غيره ، مما يعكس صورة لها تأثيرها على المتلقي ، كونه " يعلّي من شأن لونيته في الهيمنة والسيطرة على حركة المرايا اللونية في الفضاء الشعري "([16])، وهذا ما عمدت إليه وهي توظف اللون الأحمر دلالة .
التشكيل:-
يتعلق مفهوم التشكيل هنا بما يمكن أن يبنى عليه النص ، إذ يلعب التشكيل الكتابي للقصيدة دورا فاعلا في تضمينها دلالة خاصة ، ولاسيما في القصيدة العربية الحديثة ، بنوعيها – الحر والنثر- لذا نجد ان شعراء هذين الاتجاهين تعاملوا مع هذه الإمكانية باسلوب شعري مميز ، من خلال نظام التكرار ووضع عدد من علامات الترقيم فضلا عن البياض والفراغات داخل النص ، اذ لكل حالة من هذه الحالات دلالتها الخاصة ، بحسب المعطيات الخاصة بالنص ، ولهذا نجد ان تلك المعطيات تتوقف " على مدى قوة التشكيل النصي وفاعليته وانعتاق فضائه وحرية خياله من جهة ، ويتوقف من جهة أخرى على فضاء التحول الانزياحي الذي يحصل في حركة الدوال "([17])، لتصبح لكل كلمة من الكلمات وهي تتمحور ضمن ذلك التشكيل دلالة خاصة ، بما يتبعها من تنسيق كتابي ، كعلامات ترقيم أو ترادف أو رسم خاص ، مما يترتب عليها مفاهيم تكون واضحة بإطارها العام وعميقة باطارها الخاص ، لذا نجدها " تتوزع على مستويين: حضوري وغيابي. فهي تتوزع سياقيا على امتداد خطي، ويكون لتجاورها تأثير دلالي وصوتي وتركيبي.. وهي أيضا تتوزع غيابيا في شكل تداعيات للكلمة المنتمية لنفس الجدول الدلالي"([18])، ومن هنا تأتي أهمية التشكيل بوصفه عنصرا له أهمية خاصة على مستوى البناء العام للنص وطرق تشكيله جماليا ، وللشاعرة آمنة محمود تشكيلها الشعري الخاص ، إذ نجدها تتعامل مع تلك التقنية باسلوب مميز، كما في قولها([19])  :
                  الكلمات المتشامخات هولا عنقوديا
                  الرقاب مدرجا للمجد القتيل
                  معراجا منتظم الصف للأرواح الكفيفة
                  وهي تبحث عن عد( ن/ م )
                  ها قد حلّ ليل نهاري .. وانبلج صبح مظلم
                  فأي الحقيقتين أقرب لامتثال الحقيقة ..ربما
اذ نجدها تتعامل مع تقانة الكتابة باسلوب جميل ومبتكر ، فتحمل اللفظة الواحد لفظتين في آن واحد ، كما في قولها : وهي تبحث عن عد( ن / م ) ، اذ يمكننا أن نقرأ الكلمة قراءتين الأولى ( عدن ) والثانية ( عدم ) ، مما أحدث تناسبا مع ما يحمله المقطع الشعري من دلالة على الحيرة ، وهي تقف أمام خيارين ( عدن – عدم ) اذ تحمل لفظة ( عدن ) الحقيقة الحتمية التي يبحث عنها الإنسان ، كجنة من جنان الخلد ، و(عدم ) التي تدل على اللاجدوى وعدم الفائدة ، وهذا ما يتناسب ودلالة التضاد الذي حدث في ( ها قد حلّ ليل نهاري ..وانبلج صبح مظلم )، اذ نجد لفظتي ( ليل- صبح ) ولفظتي ( نهار – مظلم ) ، فضلا عن وضعها للنقاط بعد مقطع : ها قد حلّ ليل نهاري.. ،لتدل هذه النقاط على ان هناك وقفة تأملية ، فيها نوع من الاستغراب والدهشة ، لما فاجأها به الصبح وهو يأتي بظلام من جديد ، لتتحول حياتها إلى ظلام ، اذ يحلّ نهارها الليلي ، وينبلج صبحها المظلم ، لتوصلنا إلى حيرتها وهي تتساءل ( أي الحقيقتين أقرب لامتثال الحقيقة..ربما ) ،واضعة النقاط قبل ( ربما ) ، لتدلّ على عدم استقرارها لإحدى الحقيقتين تاركة الجواب عائما محيرا ، وهذا ما أرادته في توظيف ذلك التناقض ، بتلك الدلالة التي أتت بها عن طريق تقانة الكتابة الشعرية التي تسمح بها القصيدة الحديثة ، مما يأخذ بالمتلقي إلى الدهشة والحيرة نفسها .
وهذا ما نجده كذلك في القصيدة نفسها ، إذ تقول :
                   نيسان
                   يا أشجار الغار
                  يا حلم التحول من جحيم المطاردة
                  طا( ب / ل ) غيابك المهدي
                  ما عاد للأهازيج رائحة الحناء
وهي تتعمد هذا الأسلوب تاركة للمتلقي حرية التأويل ، مما يستدعي الوقوف على الدلالة العميقة في النص ، كي يستطيع أن يحدد أيهما الأصح (طاب ) أم ( طال ) ، وإذا ما أخنا باقي النص الذي تقول فيه :
                لذا ستهتف لك يا حبنا الخؤون
           وقد حررتنا بكذبة جديدة من قيد الوفا :
          الورد لسان الحب المبتور
          قتل الحب نفسه ..من شدة الورد
يتضح لنا انها تقف وقفة استنكار لنيسان ، ذلك الفصل الربيعي وهو يتحول في بلدها إلى فصل نار وجحيم ، بسبب الحرب ، التي جاءت بحجة التحرير لتحدث الويلات ، وبالتالي تقع بالحيرة نفسها ، مابين تأثير نيسان وارتباطه بالحالة النفسية للإنسان وتحوله إلى فصل جحيم ، مما يتناسب وقولها : طا(ب/ل).ولها أمثلة كثير لمثل هذا الاستخدام ، كما في قولها([20]) :  
           هنالك حبل سري ..وحبيب ينبض فيّ
           قطع الطبيب ابتسامتها بالقول
           حـ(بّ/مل) كاذب
اذ تتضح لنا دلالة جميلة من خلال ما يمكن أن يؤول إليه النص ، فالطبيب يخبرها باستحالة هذا الحب ، عندما يكذّب ما تتصور أو تتخيل عن عمق ذلك الحب ، وهو ينفي لها ذلك مطلقا ، فالنص يتكلم عن تكوين شعوري بقولها ( هنالك حبل سري ..وحبيب ينبض فيّ) ، لكن الشاعرة وبتصور شعري أبدعت صورة جميلة عندما ربطت مفهومين بكلمة واحدة ، اذ كان بالإمكان أن تكتفي بقولها ( حمل كاذب ) لارتباط دلالة الكلمة بالتصوير الشعري ، لكن الشاعرة أرادت أن تنفي الحب مطلقا ، بوصفه الدافع لهذا التصور الخاطئ بوجود هذا الحمل العاطفي ، فحملت الكلمة الدلالتين ، وجعلتهما ضروريتين في النص ، مما أضفى جوا شعريا مميزا ، وبتصوير كتابي حمل دلالته المعبرة .
ومن صورها الشعرية الجميلة التي توظف فيها تقنية التشكيل الكتابي ما نجده في قولها([21]) :

  يعكس لنا هذا النص بما يحمله من دلالة صورية تشكيلية الإحساس الخاص بالشاعرة ، وهي تبعد ما راودها من أفكار تجاه جرحها ، إذ تعد وسواسها صوب جرح حبيبها ليس سوى طنين ، وان جرحه ليس سوى عسل تستطعمه ، لذا تقرر الهروب إليه راكضة ، لكن ما يشد انتباه المتلقي ما رسمته من إشارات الأسهم التي تدل على اتجاه الركض ، مما يدلّ على انها تركض ذاهبة إليه ثم ترجع ، لذا تولدت حركة ذهاب وإياب يدلّ عليها التصوير ، على وفق اتجاهات الأسهم ، وهذا ما يتناسب ودلالة الوسواس والهوس الذي أصابها بحبه ، وبالتالي تستخدم الرسم الثالث الذي يدلّ على الوقوف ثم بعد الركض ثم الاستمرار ، ليتضح للمتلقي قرارها بالركض نحوه ، رافضة كل خوفها وقلقها ، ناسية جرحها ، لتنهي مطافها الفكري بين أحضانه . وهو تصوير أحسنته الشاعرة ، بتقنية ربما تنفرد بها كشاعرة .  
الرمز :
يشكل الرمز عنصر فاعلا في البناء اللغوي للقصيدة الحديثة ، بما يحمله من دلالة وطاقة إيحائية تتشظى إلى اتجاهات يترتب عليها تعدد بالعلاقة الدلالية بين الدال والمدلول ، إذ يحيل الرمز إلى تصور يتحدد بحسب ثقافة المتلقي وانطباعه عن ذلك الرمز ، ولأن القصيدة الحديثة نهجت طريقا خاصا من ناحية الشكل الكتابي فلقد التزمت بمثل هذا الاستخدام ، لما يمثله من " آليات عمل متحضرة وذات حيوية صياغية وتعبيرية ودلالية عالية ، تتفاهم كثيرا مع منطق العصر ومزاجه وحساسيته ، بكل جنوحه وعبثيته وخطورته وسرياليته ، وخرق اللغة واجتياحها بالقدر المناسب والمتاح كي تستجيب لحداثة شعرية تتعنصر لقدسية طاقاتها في الكلام ، وقراءة إمكانياتها في التعبير المستثار دائما بالاحتمال والقابل دائما لمزيد من التأويل "([22]) ،وهذا ما يميز اللغة الشعرية عن غيرها ، فهي تجنح دائما صوب الدلالة و وفتح باب التأويل الى أكثر من اتجاه ، بحيث يفسر النص باتجاهات عدة ، ولاسيما في الاتجاه الرمزي   فلولا "عمليات التحويل الرمزي ما كان للشعراء أن يتجاوزوا جفاف اللغة التقريرية، وإبعاد شبحها عن ساحة الشعر. لأن اللغة المشخصة لغة تعبث بشخوص العقل، واستقامة المنطق، ومعقولية الأشياء. فهي تعيد ترتيب الموجودات: ( حي/ميت، متحرك/ جامد، لا شعور/ شعور..) حتى تتمكن من إحداث تبادلات يخلقها التشخيص في الجماد و الموات." ([23]).والرمز بوصفه تشكيلا لغويا نصيا يلعب دورا في تشكيل تلك اللغة الشعرية ، بما يحمله من امكانية دلالية تعطي الناقد القدرة في تتعدد القراءات اذا ما ابتعدنا عن القراءة السطحية المتمثلة بالمعنى الظاهر أو الحاضر وولجنا إلى المعنى الغائب ، وهذا ما سنبحث عنه في نصوص شاعرتنا ، اذ نجدها في الكثير من منها توظف الرمز توظيفا عميقا ، يفتح الرؤى أمام المتلقي ، كما في توظيفها لبعض الرموز الأسطورية والدينية في قولها([24]):
                      يا أيها الأب المزيف
                     أناك المشرئبة من كل من مولوخ وموموس
                     كلما حاولت أن تشاكل المهاتما
                    سقط سلم يعقوب وانتهى الحلم بضحكة
                    من نيميس
                    ها قد ردت رسائلنا الميتة لنا
                    كذلك كان نصرنا
فالنص بظاهره يبدوا نصا مغلقا لما فيه من كثرة من الرموز ( مولوخ ، موموس ، المهاتما ، سلّم يعقوب ، نيميس ، الرسائل الميتة ) فتعالق هذه الرموز مع بعضها بهذه  الشاكلة يبدو قد أضر بالنص بظاهره ، لكن ما أن نفك شفرة تلك الرموز نجد أنفسنا أمام نص مميز ، تعمدت الشاعرة بفطنة شعرية الى ذلك البناء مستخدمة تلك الرموز ذات الدلالات التاريخية  القديمة ، فـ ( مولوخ ) اله سامي كان يعبد عن طريق التضحية بالأطفال كقرابين له على المذبحة ، و( مولوس ) اله السخرية عند الإغريق ، و ( المهاتما ) شخصية هندية عرف بحكمته وسمو مبادئه فصار مبجلا ، و(سلّم يعقوب ) سلم يقود إلى السماء رآه النبي ( يعقوب ) عليه السلام في حلمه ، أما ( نيميس ) اله الانتقام عند الاغريق ، و( الرسائل الميتة ) في التقاليد القديمة هي الرسائل التي ترد بسبب نقص فيها .ولنا أن نعيد كتابة النص بعد أن نضع محل هذه الرموز مفهوم كل واحد منها ، لنجد أنفسنا أمام النص الحقيقي الذي أرادت الشاعرة إيصاله وبحسب استدعائنا للمفهوم الغائب  :
                أناك الباحثة عن ضحاياها الأطفال والساخرة
                كلما حاولت أن تكون مبجلة وحكيمة
                سقط سلمها الموصل إلى السماء
                لتضحك الآلهة لهذا
                فترد رسائلنا الناقصة لنا
                كذلك كان نصرنا
وهي بهذا أرادت أن تتكلم عن خذلانها مما يحدث في وطنها من ويلات ، وكيف راح الأطفال ضحايا الحروب ، نتيجة السياسة والبرتوكولات اللاانسانية ، وان النصر أكذوبة لا ترضاها السماء عندما نريد أن نتكلم عنه ، وهو النصر القائم على الكذبة والزيف ، والعديد من الضحايا والأبرياء .
ويأخذ الرمز أحيانا بعدا مكانيا وزمانيا ، اذ نجد في النص ما يحيلنا إلى تصور آخر بعيد عن المعنى العادي له ، من خلال دلالة الأفعال والصور التي تصاحب ذلك الرمز ، مما يحيل بالمعنى من التعبير المتداول الى تعبير أكثر عمقا ، وهذا الاتجاه عند الشعراء يأتي من كونهم لا يجدون في التعبير المجرد ما يمثل غاية النص ، فيلجأ إلى الترميز لتحميله معنى أبعد وأوسع ( معنى غائب ) . فقصيدتها ( زهور المنافي ) تأخذنا بدءا من عنوانها إلى دلالة الغربة النفسية والإحساس بالغربة اعتمادا على ما تحمله لفظة ( منفى ) من دلالة ،ثم تدخلنا إلى النص برمزية عميقة وهي تتعامل بصور لو أخذنا حيثياتها لو وجدنا حقيقة ذلك الترميز ، الذي أرادت به أن تتكلم فيه عن زيف العالم الذي يعيشه الإنسان بظلمه وهمومه ، مستخدمة دلالة الأفعال الماضية هروبا من حقيقة الحاضر ، اذ تقول ([25]):
              قالت :  كنت أنا ..وكنت أنت
              والعالم لم يكن موجودا حينها
             دخل جنتنا رجل من ورق اللعب
            يحمل رمز التفاح ..وقف بيننا
           واستحال مرآة بوجهين ، وراح يعبث بملامحنا
           خفنا
          وانتزعنا وجهينا من بعضنا لحظة اختفاء الرجل
          المرآة
          حينها كان الفراق حقيقيا علينا ..كان الأوان
          قد فات 
فدلالة النص تحيلنا الى قصة ( آدم وحواء ) عليهما السلام وقصة الخديعة التي أوقعهما بها الشيطان ، فتركا الجنة  ونعيمها ونزلا إلى العالم الأرضي ، فدلالة ( العالم لم يكن موجودا ) ( دخل جنتانا رجل ) ( يحمل رمز التفاح )( استحال مرآة بوجهين ) ( حينها كان الفراق بيننا )، اذ تحيلنا هذه الدلالات إلى مدلولات مكانية وزمانية خفية ، تستشف من حقيقة المعنى العميق للنص ، فهي تحيلنا مكانيا إلى الجنة والنعيم ، وزمانيا تحيلنا الى الماضي البعيد ، وبالحالتين هي محاولة من الشاعرة وهي تعبر عن ( زهور المنافي ) الهروب من واقعها زمانيا ومكانيا ، وهي تستنكر ما هي عليه الآن بعد أن كانت على أحسن حال .
في نصها ( راسمة ) تستدعي رمزا دلاليا ، يثير الكثير من التصورات ، وهو رسم الدائرة ، الذي يدلّ على الانغلاق شعورا ، وعلى البساطة قدرة ، اذ يشكل للرسام المبتدئ  حلقة سهلة الرسم ، وهي بهذا أرادت أن تعكس براءتها وعفويتها ، وهي تصف حالها ، قائلة ([26]):
                         لا أعرف من الرسم إلا الدائرة
                         رغيف خبز هي
                         قرص شمس هي
                        دينار يشتري به الطفل
                        رغيف الخبز
                        وحين يعبر الشارع
                       يدهسه إطار عربة
                       دائرة

الأنا والآخر :
     تتمحور مرتكزات الأنا الشاعرة حول ذات الشاعر ، اذ يتضح هذا التمحور بما تنتجه تلك الذات من بوح شعري ، عن طريق تصوير حالتها ، عذابا وسعادة وصراعا مع الآخر ، لنجدها تعكس حالة من الصراع الدائم ، ولاسيما بتصويرها لما تجده ضمن مسؤولياتها المحكومة بإنسانيتها وإحساسها الشعري ، سواء كان شعوريا أو لاشعوريا ، فصراعها لأجل إثبات وجودها ، وبحثها عن كل ما يسهم بعملية البناء الإنساني يعكس الحالة الشعورية ، وصراعها مع خوفها من المجهول موتا ونتيجة يتمثل باللاشعور ، اذ يشكل الموت هاجسا مخيفا وهو يحيط الإنسان ويحتم نهايته ، لذا " تعود الأنا الشعرية الاشكالية غالبا الى ذاتها المعذبة من أجل أن تمتحن قوتها وصلابة محتوياتها على مواجهة هذا المصير الغامض والواضح في آن إشكالي معا ، وكلما انطوت الأنا الشعرية على صورة اشكالية معينة كان هذا مدعاة لبعث الغموض في مصيرها ، وانعكاس ذلك على لغة الشعر ووعي الشاعر لتغوص في جوف الدوال وبطاناتها وجيوبها وظلالها في السبيل الى استظهار حقيقة الشعور العارم الذي يتلبس الحساسية ويحرك حيواتها ويشعرن موضوعاتها "([27])، وهذا ما يتمثل بتلك اللغة الشعرية الدالة التي يحملها الشاعر كل طاقته الشعرية ، ليجد القارئ نفسه أمام صور تحمل بدلالاتها معان متعددة منها ما هو ظاهر يفهمه القارئ العادي ومنه ما غائب يحتاج إلى رؤية عميقة من قارئ يستطيع الوقوف على مكامن النص ، ذا تلعب الأنا الشعرية دورا فعالا في ستراتيجية القراءة التي تحتمل منهجية الحضور والغياب .وقد تأخذا الأنا الضمير الجمعي عندما تتكلم بلغة الضمير ( نحن ) ، فأولى  " محاولات التخلص من ديكتاتورية الأنا وهيمنتها الطاغية في القصيدة العربية ، هي تهريبها إلى الضمير الأنوي الجمعي ( الأعلى ) المتجسد بـ( نحن ) بما ينطوي عليه من أفق أوسع وتحرير جزئي للنرجسية "([28])، وبهذا تكون تلك الأنا فعالة بحضورها ، مؤثرة في لغة الشعر المتكلمة عن الذات والآخر وصراعهما زمانيا ومكانيا ، فلغة الذات تكون واضحة بما تحمله من دلالة على الأنا ، من خلال ضمير المتكلم والبوح الذاتي ، أما الآخر فقد يأخذ لغة خاصة تتمثل بما " يسمى بمفهوم ( الظل أو الشخص ) الذي يلازم الذات ويتحرك معها لتتكون لغة الغياب من تجسيد المسافة الغائبة بين الشيء وظله /الذات والآخر بدلا من الذات نفسها ، وقد أسهمت هذه التجليات للظل الآخر في خلق لغة الغياب وتناميها في النص " ([29])، وهنا يأتي النص بفضاء خاص يكون محورا لتلك الاتجاهات الأنوية المتكونة جمعيا وزمانيا ومكانيا ، لذا نجدها تدور بزمكانية شعرية ، متصارعة مع نفسها ، لتشكل زمنها " عبر الأفعال والظرف والقرائن التي تكتسب أهميتها من هذا التشكيل المتراكم "([30])، مما يحيلها الى الالتزام بالمكان الشعري ، واقعيا كان أم متخيلا ، وهذا ما يدفعنا إلى دراسة اللغة الشعرية بحسب هذه الستراتيجية -المتمثلة بالحضور والغياب – في شعر آمنة محمود.
إن الشاعرة وبصفتها أنثى تحرص على لغتها الانثوية المميزة على الرغم من محاولتها الخروج عن الأنا الذاتية ، بما تتبناه من صور ورؤى شعرية ، لذا نجدها في حوار مستمر مع الأخر (أنت ) ، علما انها لم تخرج عن ذاتها كأنثى ، فالباحث في قصيدتها ( أنت محبة ) يجدها تتمحور داخل ( أنت –أنا ) ، ولأن المرأة بطبيعتها تتكلم منطلقة من نفسها بوصفها ضحية الحب دائما نجد شاعرتنا برغم عنوانها ( أنت محبة ) تنطلق مع الآخر دون أن تشير بتعبير صريح ( أنت )، مكتفية بالوصف، ثم تنتقل إلى ذاتها متحدثة بالضمير ( أنا )، فتقول([31]) :
                                 حبيب الكلمات الودودة
                                 حبيب النجمة البعيدة
                                 حبيب الشهيدة
                                 والأميرة ..والموؤدة
                                  حبيبهن أجمع
                                تعيسة وغافلة مثل غابة عذراء أصيبت للتو بحريق كبير :أنا
فلغة الأنثى واضحة بطبيعتها ، تلك اللغة التي تتحدث عن خسارتها دائما ، وعن رقّتها وأنوثتها وتضحيتها وتهميشها قياسا مع الآخر ( الرجل ) ، فهي وان تحدثت بـ ( هن ) الجمعي لكنها تقصد ذاتها بوصفها احداهن ، اذ لم نجد وصفا يصف حبيبها بوصف ذكوري ، مثلا لم تقل ( حبيب الليل )  ( حبيب النهر )  ( حبيب القمر ) مما يعكس قصديتها بتكوين جو أنثوي على جو القصيدة ، اذ ينعكس عن حالتها النفسية ، مستحوذا الحب على ذاتها ، محفزا لتلك الانوثة التي تسكنها ، لذا تصفه بأنه حبيب : ( الكلمات الودودة ، النجمة البعيدة ، الشهيدة ، الأميرة ، الموؤدة ) ، جامعة ذلك الوصف عند بؤرة دلالية تصور الأنثى الصادقة الوفية المضحية المحتفلة بالحب والتي تقتل بحبها حية ، وعلى الرغم بمحاولتها الابتعاد عن ذكر أناها بصورة مباشرة نجدها ترجع الى قولها ( أنا ) ، وهذه هي طبيعة الأنثى بحقيقتها ، إذ لا تكاد تدعي الخروج عن ذلك الحال حتى نجدها تغرق بالحديث بـ ( أنا ) .
تلجأ أحيانا الى تشكيل الأنا متعايشة مع الآخر ( أنت ) ، ( أنتم ) ، ( نحن ) ، بوصفها جزءا من منظومة إنسانية قائمة على تلك العلاقات التواصلية ، والاثباتية لوجود كل طرف من هذه الأطراف ، اذ لا وجود لأحد من دون الآخر، تجمعهما الطبيعة الغريزية ( عاطفيا وحضوريا واجتماعيا وعائليا ووطنيا) . ففي حديثها عن الآخر ( الرجل ) في أغلب قصائدها تنطلق بضمير المتكلم ، وهذا ليس استخداما عفويا ، فهي كطبيعة شعرية تجد في نفسها ما يؤهلها للتكلم بهذه الصيغة ، وان كان أحيانا لاشعوريا ، هذا من جانب ، وبوصفها أنثى تحس بضعفها مقابل السلطة الذكورية  من جانب آخر ، كما في نصها الذي تقول فيه  ([32])  
                                    أتنكر وأزورك :
                                    يا حارس مقبرة الأحلام
                                   يا حارس المقبرة
                                   حلمي متعب
                         من توال موته والحياة ...
                         وأريد أن أقبره
                         بالأمس عاد من منفاه
                         حاملا كتب التاريخ وقصائد المطر
      ما نجده مميزا في النص ، هو تنقل الشاعرة من ضمير (المتكلم ) إلى ضمير ( المخاطب ) ثم ضمير ( الغائب ) ، وإذا ما أخذنا هذا التنقل دلالة يتضح ان الشاعرة تعيش حالة نفسية عاطفية ، اذ تتخيل عالما خاصا ، لذا تلجأ إلى استدعاء الآخر مستمعا لحظة ، ومخاطبا لحظة أخرى ، وأحيانا غائبا ، وهذا التصوير ناتج عن شعور ذاتي تتحكم فيه الأنا الأنثوية ، فـ ( أتنكر وأزرك ) تجعل من نفسها متكلمة ومن الأخر مستمعا ، وقولها ( يا حارس المقبرة حلمي متعب ) تستدعيه حضورا شاخصا مخاطبة إياه ، ثم ( بالأمس عاد من منفاه ، حاملا كتب التاريخ ) تتحدث هنا بضمير الغائب ، مما يتلاءم ودلالة المنفى ، اذ أصبح بعيدا عنها لمدة من الزمن .
وأحيانا توظف الأنا مجتمعة مع الآخر بصيغة ( نحن ) ، والذات بوصفها مكون من الـ ( هم ) ،فلا يكاد يخلو شعر شاعر من الضمير ( نحن ) ، ولاسيما بما يتعلق بالاتجاه الوطني والاجتماعي ، لذا نجد حضور ذاته بجميع صورها ، داعية عاملة متأثرة ، وهذا ما تلجأ إليه شاعرتنا في نصوص عدّة من نصوصها الوطنية خاصة ، اذ تقول ([33]) :
                                 فبماذا تأمر يا مولى السكينة
                                 بعد كل هذا الـ....؟
                                قد كففنا عنك أيدينا
                                وأغلقنا علينا القبو ( و/ ر)
فالشاعرة هنا تحاور وطنا مزقته الحروب وأدمته ، كثرت ضحاياه وأيتامه ،  جروحه وشكواه ، حتى صار منفى ، فالأنا شعورا ، ولاسيما في مثل تلك الحالات تنتمي إلى الشعور الجمعي ، شعورا وغريزة ، بوصف الوطن حضنا وملاذا للجميع ، فهي وأن أرادت الحديث عن نفسها الا انها لا تستطيع الخروج عن ذلك الشعور الجمعي ، ويأتي هذا الاحساس بسبب حقيقة الانتماء إلى الجماعة ، فضلا عن الاحساس الخاص بكونها شاعرة يميزها شعور يختلف ، فتصبح معبأة بهموم الآخرين ومعاناتهم.
تعمد الشاعرة أحيانا إلى استدعاء الآخر رمزا ، فيكون شخصية اجتماعية أو وطنية ، أو تاريخية أو أسطورية محملة دلالة ذلك الرمز مهمة البوح عن الشعور الذاتي ، لتكون تلك العلاقة القائمة معه علاقة مشاركة أو شعور أو تمثيل ، كما في استدعائها لشخص الشاعر( أمل دنقل ) بقولها ([34]):
                                                  أمل دنقل :
                                                  هل يمر الخريف بنبات البحر ؟
                                                  هل يلعب المجانين الشطرنج؟
                                                  - لا  
                                                  - اذا لماذا نحلم ؟!
فهي تحاور ذلك الشاعر الذي لطالما حلم بالكثير ، وطنه أهله ذاته ، مستدعية شخصه مفترضة حضوره من خلال أقامة حوار مباشر ، اذ تضع علامات المحاورة والاستفهام ، لتسأل ويجيبها مباشرة ، لتنفي ما تتمناه وتستبعد تحقيق ذلك .
وفي دعوتها لذاتها وللآخر للشعور بالوطنية والتضحية من أجلها تلجأ الى رمز ( جيفارا ) ، محملة ذلك الرمز الدلالة المغيبة في ظاهر نصها ، اذ نجد في النص تطلق له تحية السلام([35]) :
                                                    جيفارا
                                              صباح الخير
                                             حتى في المساء
                                             لأن الشمس لا تشرق
                                             الا لهذا البهاء
فهي لم تدعو الآخر لأن يكون كجيفارا بصورة مباشرة ، لكنها وبمجرد استدعاء رمزه والثناء عليه ، تدعو هذه الدعوة ، بوصفه رمز للمقاومة وللتضحية والوطنية .
  التناص :-
 شكل مفهوم التناص الذي يعني بمفهومه العام عملية تداخل النصوص جدلا نقديا واسعا ، على يد جوليا كريستيفيا التي انطلقت به مصطلحا في عدد من مقالاتها بين عامي 1966-1967 ، منطلقة من النص نفسه واصفة إياه بأنه " وظيفة تناصية تتقاطع فيه نصوص عديدة في المجتمع والتاريخ" ([36])، ولا نريد أن نسهب في تعريفات التناص  ، لكن ما يهمنا هو دوره في بنية النص وما يترتب عليه من تكوين دلالي يتيح تعدد بالقراءات الخاصة بكل نص من النصوص الأدبية ، وهذا ما توضحه كريستيفيا بقولها " انه ليس هناك أدب بنيوي يمكن النظر إليه من منظور جزئي ، وان كل شيء يشير إلى شيء آخر دائما ، وكل نص يقبل قراءات جديدة دائما ولكن بمترابطات مغايرة ، وان كل نص يشير الى غيره " ([37])، فالنص بوصفه مكونا دلاليا ينطوي تحته الكثير من الإشارات والرموز والمعاني لابد أن تتغير دلالته بحسب مرجعياته من ناحية المضمون والشكل ، وهذه المرجعيات تتمثل بتلك العلاقة القائمة مابين النص والنصوص الأخرى ، لذا نجد ( جاك دريدا ) ينطلق بمفهوم التناص منطلقا آخر ، فيقترح تصورا جديدا للنص "يعتمد على تاريخ الفلسفة، وذلك بإلغاء التعارض بين المستمر والمنقطع. فالنصّ عنده (نسيج لقيمات)، أي تداخلات. وهو لعبة منفتحة ومنغلقة في آن. والنصّ لا يملك آباً واحداً، ولا جذراً واحداً، وإنما هو نسق من الجذور، وهو يؤدي –في نهاية الأمر- إلى محو مفهوم النسق والجذر"([38])، وما فلسفته هذه إلا إشارة إلى إمكانية تعدد القراءة داخل النص الواحد ، كون النص يتكون ضمن مرجعيات تاريخية واجتماعية – بحسب مفهوم جوليا كريستيفيا – ولهذا تختلف قراءته باختلاف رؤية الناقد /القارئ إلى هذه المرجعيات ، وسنقف على ما جاءت به الشاعرة آمنة محمود من تناصات لمعرفة الأبعاد الدلالية لذلك الاستخدام بعيدا عن القراءة السطحية أو المباشرة ، باحثين عن الدلالة العميقة المتمثلة بالنص الغائب ، على وفق ما جاءت به المناهج النقدية الحديثة التي أعطت للنص الغائب مفهوما خاصا ،ورأت " أن العمل الأدبي يُدرك في علاقته بالأعمال الأخرى. فالأدب ينمو في عالم مليء بكلمات الآخرين. و (النص) تشكيل لنصوص سابقة ومعاصرة، أُعيدت صياغتها بشكل جديد. وليست هنالك حدود بين نص وآخر، وإنما يأخذ النص من نصوص أخرى، ويعطيها في آن"([39]).
فمن نصوص الشاعرة التي احتملت التناص قصيدة ( أساطير الربيع ) اذ تلجأ فيه الشاعرة إلى التناص الاشاري ، ويتم هذا التناص عن طريق الإشارة المركزة ، اذ تبدو هذه الإشارة بمثابة الاستحضار الكامل لتلك النصوص ، من دون أن يكون هناك حضور لفظي كامل أو محور أو جزئي لها في النصوص اللاحقة ، وغالبا ما يعتمد هذا التناص على لفظة أو أثنتين ، ويتميز هذا النوع من التناص بقدرة كبيرة على التكثيف والإيجاز ([40]). فتأخذ من قصة سقوط طروادة ما يخدم نصها وموضوعه ، علما ان التناص لم يكن اعتباطيا ، أو لمجرد التشكيل الفني للنص ، فعنوان الشاعرة ( أساطير الربيع ) كان على صلة بما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي له ، واحتلالهم لبغداد في نيسان 2003 ، لتشبه هذا الاحتلال بسقوط طروادة ، وقد جاء في ( أسطورة أخيرة ) بحسب ما تعنونه الشاعرة ، مما يلتقي دلاليا مع انطلاقتها في القصيدة وهي تعنون المقطوعة الأولى منها بـ( أسطورة أولى ) لتكون الأولى سببا في وجود الأخيرة ، فتذكر في الأولى رموزها المتمثلة ب( ميداس ) و( ميدوزا ) ، وهما رمزان أسطوريان ، يحول ميداس كل من يلامسه بيديه إلى ذهب ، وميدوزا تحيل كل من تنظر إليه إلى حجر، اذ تقول([41]) :
                          صافح ميدوس ميدوزا
                     في اللحظة التي نظرت اليه
                     فاستحال الاثنان صخرا ذهبيا
                     ومن قلب الصخر انبثق النفط
وهي بهذا أرادت أن تعكس حقيقة الطمع الأمريكي في نفط العراق ، ذلك الكنز الذي تحول إلى نقمة ، لتجعل من حقيقته وهما وأسطورة ، لما جلبه على العراق من حروب وويلات وأطماع ، ثم تأتي بما تسميه ( مزمور أول ) ، لتخبر عن دبيبهم وهم يدخلون العراق :
                            مبارك دبيبهم المقدس
                            نحو مئذنة النحيب
                           ما عاد شوك يعيق حصاد الورد
                          الصخر مطحون ..والريح جوفية
وهذا ما يرجعنا إلى الأسطورة الأخيرة بعد أن تذكر نيسان وهو يتحول إلى جحيم بقولها :
                         يا أشجار الغار
                         يا حلم التحول من جحيم المطاردة
                         طا(ب/ل)غيابك المهدي
                         ما عاد للأهازيج رائحة الحناء
                         لذا سنهتف لك يا حبنا الخؤون
ثم تأتي بمقطعها الذي تعنونه ( الأسطورة الأخيرة ) ، جامعة فيه أكثر من شكل من أشكال التناص ، فالأخذ بالتناص الأشاري ينبعث عن التكثيف الدلالي الذي تحيل إليه دلالة طروادة وحصانها ، ومن ثم الامتصاصي ، والذي يعني استلهام الشاعر لمضمون  ما أو فكرته ، أو قد يلجأ إلى مغزاه دون أن تكون هناك إشارات لمقطع لفظي واضح للنص الذي أخذ عنه([42]) ، اذ تأخذ عن ملحمة الإلياذة للشاعر هوميروس ، عن طريق امتصاص فكرة من أفكار تلك الملحمة ، والتي تتحدث عن حادثة الحصان وسقوط طروادة ، قائلة([43]) :
                           طروادة تسقط
                          سقط ( البلاديوم )
                          أم دخل الحصان
                          طروادة يا مشفى الضوء الكفيف
                          وفرائس النعمان.
                          وتختتم بـ ( مزمور أخير ) قائلة :
                         يا أيها الأب المزيف
                         ها قد مات أولادك الحقيقيون
                         قرابينا على سفح المكاذب
                         أناك المشرئبة من كل مولوخ وموموس
                         كلما حاولت أن تشاكل المهاتما
                        سقط سلم يعقوب وانتهى الحلم بضحكة
                       من نيميس
                         ها قد ردت رسائلنا الميتة لنا
                         كذلك كان نصرنا .
فالتناص هنا لعب دورا في خلق جوا دراميا دلاليا ، اذ جمعت في تشكيله بين الأفعال ، وتكرار أداة النداء ، واستدعاء رموز شكلت دلالة خاصة في الأساطير القديمة ،فضلا عن شخصية النبي ( يعقوب ) عليه السلام ، فكان له تأثيره على النص ، على المستوى النفسي والدلالي والفني ، اذ عكست فيه جانبا سياسيا ، اذ تلوم على ذلك الأب أناه التي يشكلها ( مولوخ ) وهو اله سامي كان يعبد عن طريق تضحية الأطفال على مذبحه ، وموموس اله السخرية عند الاغريق ، مما يعكس غروره وسخريته ، على الرغم من محاولته في أن يظهر بالشخص المبجل ممثلا برمز ( المهاتما ) وهو شخص مبجل في الهند لحكمته وسمو مبادئه ونكرانه لذاته ، الا ان سلم يعقوب ينقطع به ، ذلك السلم الذي رآه نبي الله يعقوب في الحلم وهو سلم يوصل إلى السماء ([44]) ، فترجع الرسائل الميتة الى اصحابها ، مشبهة خيبة الأمل في النصر بتلك الرسائل .


الهوامش



1.      النص الغائب ، تجليات التناص في الشعر العربي ، محمد عزام ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق2001:16
2.      الخطيئة والتكفير، عبدالله الغذامي ، النادي الأدبي الثقافي، جدة ، ط1 : 54
3.      م ، ن : 54
4.      اشكالية المصطلح، يوسف وغليسي ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، الجزائر ، ط1 ، 2008  : 352
5.      م، ن : 352
6.      م،ن  : 352
7.      النص الغائب :25
8.      فلسفة المكان في الشعر العربي ، د.حبيب مونسي ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2001 :80
9.      - العلامة الشعرية ، أ.د محمد صابر عبيد ، عالم الكتب الحديث ، ارد ، ط1 ، 2010 : 43.
10. - التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر ، عصام حفظ الله واصل دار غيداء للنشر ، عمان ، ط1 ، 2011 : 37.
11. الشعرية العربية الحديثة ، شربل داغر ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، ط1 .
12. ينظر فراشات آمنة ، آمنة محمود ، دار الينابيع ، دمشق، ط1 ، 2010
13. ينظر م ، ن : 101
14. - ينظر م ،ن : 96
15. م ، ن : 96
16. - مرايا التخيل الشعري ، محمد صابر عبيد ، دار مجدلاوي ،للنشر والتوزيع ، ط1، 2011 : 264
17. الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر ، أ.د محمد صابر عبيد ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط1 ،2010: 35
18. فلسفة المكان في الشعر العربي :80
19. فراشات آمنة : 28
20. م ، ن : 48
21. م ، ن : 76
22. الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر :82
23. فلسفة المكان في الشعر العربي:82
24. فراشات آمنة : 31
25. م ، ن: 52
26. م ، ن : 85
27. سيمياء الموت ، تأويل الرؤيا الشعرية ، محمد صابر عبيد ، دار نينوى للدراسات والنشر ، دمشق2010 : 71
28. الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر  : 98
29. جدلية الحضور والغياب في شعر بشرى البستاني ، أخلاص محمود ، دار فضاءات للنشر والتوزيع ، عمان ، ط1، 2011 : 28
30. م ، ن : 62
31. فراشات آمنة : 7
32. م ، ن : 13
33. م ، ن : 30
34. م ، ن : 92
35. م ،ن : 93
36. تحليل الخطاب الأدبي ، محمد عزام ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 2003 : 188
37. التناص ، الآلية النقدية ،مقترب تاريخي من المناهج النقدية الحديثة ، د.داود سلمان الشويلي ، مجلة الموقف الثقافي ، العدد 26 ، السنة الخامسة ، 2000 :59
38. النص الغائب :22
39. م ، ن :44
40. ينظر التناص بين النظرية والتطبيق ، د. طعمة أحمد الحلبي ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، دمشق ، 2007 : 181
41. فراشات آمنة : 27
42. ينظر التناص بين النظرية والتطبيق  : 181
43. فراشات آمنة 31
44. أخذت هذه المعلومات عن ديوان فراشات آمنة ، اذ أعطت الشاعرة بعض الهوامش التعريفية ، ينظر : 33



المصادر والمراجع :-



1-     إشكالية المصطلح ، يوسف وغليسي ، الدار العربية للعلوم ناشرون، الجزائر ، ط1 ، 2008
2-     تحليل الخطاب الأدبي ، محمد عزام ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، 2003
3-     التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر ، عصام حفظ الله واصل دار غيداء للنشر ، عمان ، ط1 ، 2011.
4-     التناص بين النظرية والتطبيق ، د.طعمة أحمدالحلبي ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، دمشق ، 2007
5-     جدلية الحضور والغياب في شعر بشرى البستاني ، أخلاص محمود ، دار فضاءات للنشر والتوزيع ، عمان ، ط1، 2011  
6-     الخطيئة والتكفير، عبد الله  الغذامي ، النادي الأدبي الثقافي ، جدة ،ط1  
7-     سيمياء الموت ، تأويل الرؤيا الشعرية ، محمد صابر عبيد ، دار نينوى للدراسات والنشر ، دمشق2010
8-     الشعرية العربية الحديثة ، شربل داغر ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، ط1 .
9-     العلامة الشعرية ،أ.د محمد صابر عبيد ، عالم الكتب الحديث ، ارد ، ط1 ، 2010
10- فراشات آمنة ، آمنة محمود ، دار الينابيع ، دمشق، ط1 ، 2010
11- الفضاء التشكيلي لقصيدة النثر ، أ.د محمد صابر عبيد ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد ، ط1 ، 2010
12- فلسفة المكان في الشعر العربي ، د.حبيب مونسي ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2001    
13-  مرايا التخيل الشعري ، محمد صابر عبيد ، دار مجدلاوي ،للنشر والتوزيع ، ط1، 2011
14- النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي ، محمد عزام ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ،.ِ2001
الدوريات :
1-     التناص ، الآلية النقدية ،مقترب تاريخي من المناهج النقدية الحديثة ، د.داود سلمان الشويلي ، مجلة الموقف الثقاِفي ، العدد 26 ، السنة الخامسة ، 2000