دأب أكثر الشعراء ومنذ أقدم الأزمنة في كتابة نصوص تميز بعضهم البعض/ وما زال مستمراً/ في خاصية ما، ربما يود مؤلفها التفرّد بذات الشئ ويكسب منه السبق। ولو نتأمل في مختلف التجارب الشعرية نجدها/ أي القصائد/ تختلف من شاعر لآخر، ومن حقبة لآخرى। هناك من يطوّرها حتى يغدو محدثاً مما كان شكل النص أو لونه أو مذهبه، بالمقابل نجد ما يكرر شاعرٌ ما نفس أدواته في أية قصيدة ينجزها حتى يبدو عليها التآكل والصدأ। إن جوهر القضية يكمن في ملكة الشاعر نفسه، وقدرته على إستيعاب الحياة في حركة إبداعية دائمة التجدد، تتجلى في بحثه المتواصل نحو التطور والإبتكار، وهذه سجيّته।
إن البحث والتقصي عن القصيدة الحديثة يبدأ من ذات الشاعر، يحاول أن يخترع لغة جديدة تليق بمتطلبات العصر والمرحلة وذائقة الجمهور، وهذا ما يتجلى صراحة في مجموعة "فراشات آمنة" للشاعرة آمنة محمود، الصادرة عن دار الينابيع- دمشق- الطبعة الأولى 2010، والتي تتضمن خمسة قصائد بإسم الفراشات وهي: فراشات الشبكة، فراشات النار، فراشات أنانا، فراشات أنا- نا، فراشات الأعياد.
إن عنوان المجموعة يؤخذ على إحتمالين وكما في الخيارات الجبرية: إمّا- أو...
إمّا: فراشات مطمئنة (آمنة)، أو: فراشات الشاعرة (آمنة) // فراشات آمنة (الشاعرة). لأن عوالمها مسالمة وتختزن من الفرح ما يكفيها للتحليق. أي كليهما يتقبّل إحتمال الآخر، وهذه المناورة هي غاية مبتكرة ربما (قصدية) من مهارة الشاعرة، وكما أسلفنا أن الكثير من الإحتمالات الواضحة في قصائدها الموظفة بخبرة مهنية تدل على مرجعية الشاعرة سواءً في ذخيرتها الثقافية أو وظيفتها المهنية...
يُذكر أن مجال الشعر إستوعب العلوم الإنسانية وتخطى الى العلوم الطبيعية، منها الكيمياء والفيزياء وصولاً الى الرياضيات، وتناوله النقاد بالتحليل الفني. وهذا الذي نعنيه، رصدناه في قصائد الشاعرة آمنة، والتي بَنت بعض نصوصها وفق صيغ رياضية تحتمل متواليات وفرضيات ومعادلات جبرية وخيارات، والتعويض والبسط والمقام، وكما في قصيدة فراشات النار- مقطع من المزمور الأول ص 28 تقول: وهي تبحث عن عد (ن، م)، هذا يعطي للمتلقي إحتمالين بتخيير رياضي جبري وكالأتي: إمّا: وهي تبحث عن عدن، أو: وهي تبحث عن عدم.
إنها إعادة ترتيب الحروف وإبتداع عوالم الألفاظ في المفردة ذاتها، فجاءت وفق الصيغة المقبولة، حيث لا يؤثر على معنى البيت أو المقطع.
ولها في مقطع ص 29/ قصيدة نيسان:
طا (ل/ ب) غيابك المهدي. إمّا: طال غيابك المهدي، أو طاب غيابك المهدي.
وأيضاً: وأغلقت علينا القبـ (و/ ر)، إمّا: وأغلقت علينا القبو، أو: وأغلقت علينا القبر.
و: لغة تومئ لي (أنا/ هي)، إمّا: لغة تومئ لي أنا، أو: لغة تومئ لي هي).
وفي ص 44 قصيدة: دموع جوفية:
عمراً مديداً للنهـ (. / ا) ر الذي منحتيه أبهر. إمّا: عمراً مديداً للنهر، أو: عمراً مديداً للنهار.
إذاً هذا الإبتكار يخرج من نسق التعويض، لأن الصفر مهملٌ في الحالة الأولى، لا يعوض ولا يزيد من ترتيب المفردة شيئاً، فيبقى على حالته = . ولا يؤثر في الناتج، لأن الكلمة بقيت على حالها، أمّا الرقم (ا) فيزيد الناتج.
وفي ص 48 تقول: حـ (ب/ مل) كاذب. تصبح = حبٌّ كاذب، حملٌ كاذب. يحتمل هذا التخيير: إمّا إهمال حرف (ب) مرة، أو حذف حرف ميم مرة، ويمكن من خلال الترتيب، ربما الإختصار، يكون أيضاً: حبلٌ كاذب = حملٌ كاذب = صفر = لا شئ.
كذلك في ص 49 مقطع من القصيدة:
بإرتقائك جلجلة (أنت... حِرُ)، تكون ربما إمّا: بإرتقائك جلجلة أنت حرٌ، أو: بإرتقائك جلجلة أنتحِرُ.
ولها في: مسلة حب ص 68:
(قـ/ هـ) ـابيل... آمين، قابيل... آمين، و هابيل... آمين.
وفي ص 65 لها:
رُبَّ (ما)2 تَ الشهيد. تكون إمّا: رُبّ مات الشهيد = ربما الشهيد. أو: ربما مات الشهيد = ربما ما مات الشهيد. جاءت بهذه الصيغة لأن حرفي (م، أ)2 مضاعفة التعويض لوجود أس (2). وأيضاً تكون كالأتي لمقطع آخر:
د (م)2 سيح آخر، دمٌ سيح آخر، دم مسيح آخر.
وفي ص 113 وفي قصيدة فراشات الأعياد/ تهنئة، تقول:
كل عيد وأنت أنا
كل أنت
وأنت عيدي.
أي بدلالاة التعويض تصبح القصيدة متوالية:
أنا = أنت
أنت = أنا
كل = أنت
أنت = عيدي
عيدك = عيدي.
يتضح من كل هذا، أن المعادلات متساوية من خلال التحليلات والتعويضات والنسب المتساوية بالتخيير وكأنها مطابقة 100% (و. هـ. م).
وللشاعرة أيضاً تلاعبٌ في مخلوقات لغوية حسابية خارج حدود هذه المجموعة وفق الصيغة التالية:
غلطة\ جلطة.. قلبية، أي بسط\ مقام، غلطة\ جلطة= قلبية\ قلبية= قلبية.
ويمكن أنها تصبح نسب متساوية بعد الإختصار أو التناوب على التعويض وكالأتي: جلطة+ غلطة= صفر، النهاية الحتمية= الموت.
بهذه البنيوية الحديثة قد دخل علم الرياضيات في الشعر الحديث وخاصة قصيدة النثر لِما لها من إستيعاب أفكار ورؤى تلائم منهجها وأصولها وحتمية بقائها، أي تنطوي على جانب من المطالبة الخفية، وعلى الرغبة في إيجاد لغة مستحدثة وغير مطروقة، تجدد إمكانات اللغة، وهذه المطاليب العميقة هي سمة مشتركة لا يمكن إهمالها مهما إستمرت الحياة.
إن البحث والتقصي عن القصيدة الحديثة يبدأ من ذات الشاعر، يحاول أن يخترع لغة جديدة تليق بمتطلبات العصر والمرحلة وذائقة الجمهور، وهذا ما يتجلى صراحة في مجموعة "فراشات آمنة" للشاعرة آمنة محمود، الصادرة عن دار الينابيع- دمشق- الطبعة الأولى 2010، والتي تتضمن خمسة قصائد بإسم الفراشات وهي: فراشات الشبكة، فراشات النار، فراشات أنانا، فراشات أنا- نا، فراشات الأعياد.
إن عنوان المجموعة يؤخذ على إحتمالين وكما في الخيارات الجبرية: إمّا- أو...
إمّا: فراشات مطمئنة (آمنة)، أو: فراشات الشاعرة (آمنة) // فراشات آمنة (الشاعرة). لأن عوالمها مسالمة وتختزن من الفرح ما يكفيها للتحليق. أي كليهما يتقبّل إحتمال الآخر، وهذه المناورة هي غاية مبتكرة ربما (قصدية) من مهارة الشاعرة، وكما أسلفنا أن الكثير من الإحتمالات الواضحة في قصائدها الموظفة بخبرة مهنية تدل على مرجعية الشاعرة سواءً في ذخيرتها الثقافية أو وظيفتها المهنية...
يُذكر أن مجال الشعر إستوعب العلوم الإنسانية وتخطى الى العلوم الطبيعية، منها الكيمياء والفيزياء وصولاً الى الرياضيات، وتناوله النقاد بالتحليل الفني. وهذا الذي نعنيه، رصدناه في قصائد الشاعرة آمنة، والتي بَنت بعض نصوصها وفق صيغ رياضية تحتمل متواليات وفرضيات ومعادلات جبرية وخيارات، والتعويض والبسط والمقام، وكما في قصيدة فراشات النار- مقطع من المزمور الأول ص 28 تقول: وهي تبحث عن عد (ن، م)، هذا يعطي للمتلقي إحتمالين بتخيير رياضي جبري وكالأتي: إمّا: وهي تبحث عن عدن، أو: وهي تبحث عن عدم.
إنها إعادة ترتيب الحروف وإبتداع عوالم الألفاظ في المفردة ذاتها، فجاءت وفق الصيغة المقبولة، حيث لا يؤثر على معنى البيت أو المقطع.
ولها في مقطع ص 29/ قصيدة نيسان:
طا (ل/ ب) غيابك المهدي. إمّا: طال غيابك المهدي، أو طاب غيابك المهدي.
وأيضاً: وأغلقت علينا القبـ (و/ ر)، إمّا: وأغلقت علينا القبو، أو: وأغلقت علينا القبر.
و: لغة تومئ لي (أنا/ هي)، إمّا: لغة تومئ لي أنا، أو: لغة تومئ لي هي).
وفي ص 44 قصيدة: دموع جوفية:
عمراً مديداً للنهـ (. / ا) ر الذي منحتيه أبهر. إمّا: عمراً مديداً للنهر، أو: عمراً مديداً للنهار.
إذاً هذا الإبتكار يخرج من نسق التعويض، لأن الصفر مهملٌ في الحالة الأولى، لا يعوض ولا يزيد من ترتيب المفردة شيئاً، فيبقى على حالته = . ولا يؤثر في الناتج، لأن الكلمة بقيت على حالها، أمّا الرقم (ا) فيزيد الناتج.
وفي ص 48 تقول: حـ (ب/ مل) كاذب. تصبح = حبٌّ كاذب، حملٌ كاذب. يحتمل هذا التخيير: إمّا إهمال حرف (ب) مرة، أو حذف حرف ميم مرة، ويمكن من خلال الترتيب، ربما الإختصار، يكون أيضاً: حبلٌ كاذب = حملٌ كاذب = صفر = لا شئ.
كذلك في ص 49 مقطع من القصيدة:
بإرتقائك جلجلة (أنت... حِرُ)، تكون ربما إمّا: بإرتقائك جلجلة أنت حرٌ، أو: بإرتقائك جلجلة أنتحِرُ.
ولها في: مسلة حب ص 68:
(قـ/ هـ) ـابيل... آمين، قابيل... آمين، و هابيل... آمين.
وفي ص 65 لها:
رُبَّ (ما)2 تَ الشهيد. تكون إمّا: رُبّ مات الشهيد = ربما الشهيد. أو: ربما مات الشهيد = ربما ما مات الشهيد. جاءت بهذه الصيغة لأن حرفي (م، أ)2 مضاعفة التعويض لوجود أس (2). وأيضاً تكون كالأتي لمقطع آخر:
د (م)2 سيح آخر، دمٌ سيح آخر، دم مسيح آخر.
وفي ص 113 وفي قصيدة فراشات الأعياد/ تهنئة، تقول:
كل عيد وأنت أنا
كل أنت
وأنت عيدي.
أي بدلالاة التعويض تصبح القصيدة متوالية:
أنا = أنت
أنت = أنا
كل = أنت
أنت = عيدي
عيدك = عيدي.
يتضح من كل هذا، أن المعادلات متساوية من خلال التحليلات والتعويضات والنسب المتساوية بالتخيير وكأنها مطابقة 100% (و. هـ. م).
وللشاعرة أيضاً تلاعبٌ في مخلوقات لغوية حسابية خارج حدود هذه المجموعة وفق الصيغة التالية:
غلطة\ جلطة.. قلبية، أي بسط\ مقام، غلطة\ جلطة= قلبية\ قلبية= قلبية.
ويمكن أنها تصبح نسب متساوية بعد الإختصار أو التناوب على التعويض وكالأتي: جلطة+ غلطة= صفر، النهاية الحتمية= الموت.
بهذه البنيوية الحديثة قد دخل علم الرياضيات في الشعر الحديث وخاصة قصيدة النثر لِما لها من إستيعاب أفكار ورؤى تلائم منهجها وأصولها وحتمية بقائها، أي تنطوي على جانب من المطالبة الخفية، وعلى الرغبة في إيجاد لغة مستحدثة وغير مطروقة، تجدد إمكانات اللغة، وهذه المطاليب العميقة هي سمة مشتركة لا يمكن إهمالها مهما إستمرت الحياة.