إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، أبريل 2

فِصامُ البنفسج


آمنة محمود

إلى : أبــــــــي العــــــراق






وأنتَ ترفعُني بيمينِكَ

وتُلقي بي كمنديلٍ أخرَق

في جمرِ الموقد

تذكّر أني ابنتُك ..

ابنتُك التي تُهرَع كُلَّ صُبحٍ

عند قدميك .. لتبكيَ قسوتك .

أمتصُّ وجعَك .. أبكي :

صغاراً في دورِ النُفايات

نساءً قطّعنّ أوردةَ الخيال

يوم أسقطت جاذبيةُ الحروبِ تُفّاحَ الرِّجال

أتقمّصُ حُزنَك .. فتهطلِ سماءُ الروح

وأكرر تساؤلي الملحاح : أتحبُّني؟!!

وتصمِتُ الإجابة

فعيونُكَ أطفالٌ خُرس

وعيناي أسئِلةٌ قتّالة .

كم وهبتُني نذراً إليك

لا أنتَ تذبحُني

ولا السماءُ تفتديني ولو بقطرة.

بين كفّيكَ تذبُلُ حقولُ الياسمين

فلا الدماءُ التي انتُزِعَتْ من قلوبِنا عنوةً

قادرةٌ على إحيائِها

ولا لآلئ الدمعِ في ميادين حرّية افتراضية

نُصلّي السماء استسقائها :

"حرّية .. حرّية "

فتردُّ الطائراتُ الورقيةُ على نشيجِنا

بسُرعةِ الضوءِ

" ما أينعت حدائقُ الأعناق

فعلامَ القِطافُ يا عراق؟"

***

أهبطُ على خرائبِ كفّك .. فأُبصِرُ

حدادُ الأرامِلِ قهوَتُنا المُرّة

ودِماؤنا خمرُ العدو

ضماداتٌ ..

جثثٌ ..

أطرافٌ مبعثرة

ورصيفٌ منقّط .

نحنُ رُعاةُ بقراتِك اللائي أكلَ بعضهُنّ بعضا

فزّاعاتُ حقلِ سنابلكَ الخُضرِ واليابِسات

اشتعل الحقلُ ..

كذبتِ الرؤيا

فالتجأنا إلى ساحات رقّك نهتف :

" أيها الرُعاةُ القُساةُ

إنّا رعيّةٌ عزلاء

إلاّ أن أعيننا المدرارة

قد تنالُكم من حيثُ تأمنون"

***

وأنتَ ترفعُني بيُسراك

وتلقي بي خارجَ حدودِ جحيمكَ الذي أعشق

تذكر كم أُحِبُّك

أُحِبُّك في الضرّاءِ والضرّاءِ والضرّاء

ولا ربيعٌ يمرُّ بك حتى في الربيع

أهمُّ إليك ..

أحملُ همّك

ولا أُهمُّك

***

دمعُنا المنزوعُ من جُرحِ القلب

دمعُنا المسفوحُ عليك .. تكثّفَ

صار غيمةً عرجاءَ عُكّازُها الأحلام

تسيرُ معك .. تضلّلُ فجّاً في رأسِك

والغُزاةُ الطيبون جاءوا ليحفظوا أمنك

ويطفئوا الفتنة

لكنهم ( وعن غيرِ قصدِ ) حين دبّت دباباتهم

داسوا على الدمى

وجرجروا بكلاليبهم ( عن غير قصدٍ ) عباءاتنا

وانتزعوا عن غير قصدٍ البهجة من وجوهنا

( الغزاةُ المساكين ) إنهم يخفِرونك جيّداً

وبيدِهم فأسٌ وأعوادُ ثِقاب .